للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا} (حسيبًا) فَعِيلٌ من الحِسابِ؛ لأنَّ الله جل ذكره يحاسب عبيده على كلّ شيء من التحية وغيرها (١). وقيل: الحسيب: الكافي، من أَحْسَبَني الشيءُ، أي: كفاني (٢)، وفيه ما فيه لأجل {عَلَى} (٣). وقيل: الحسيب الحفيظ (٤)، وكلٌّ متقاربٌ في المعنى.

{اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا (٨٧)}:

قوله عزَّ وجلَّ: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} اسم الله مبتدأ، و {لَا إِلَهَ} مبتدأ ثان وخبره محذوف، أي: لنا، أو في الوجود، و {إِلَّا هُوَ} بدل من موضع {لَا إِلَهَ} والجملة خبر عن اسم الله تعالى، وقد مضى الكلام على هذا في "البقرة" عند آية الكرسي بأشبع من هذا.

ولك أن تجعل الجملة معترضة والخبر {لَيَجْمَعَنَّكُمْ}، كأنه قيل: اللَّهُ واللَّهِ ليجمعنكم إلى يوم القيامة (٥)، وفيه تقديران: أحدهما - في يوم القيامة، والثاني - في الموت، أو الهلاك، أو في القبور إلى يوم القيامة، فتكون {إِلَى} على بابها.


(١) هذا هو المعنى المرجح. انظر جامع البيان ٥/ ١٩١، ومعاني النحاس ٢/ ١٥١، ونسبه الماوردي ١/ ٥١٤ إلى بعض المتكلمين. واقتصر عليه الزمخشري.
(٢) هذا قول أبي عبيدة في مجاز القرآن ١/ ١٣٥. وكلام الزجاج ٢/ ٨٧ أشبه به. ونسبه الماوردي ١/ ٥١٤ إلى البلخي.
(٣) كذا غلطه الطبري أيضًا، قال: وذلك أنه لا يقال في أحسبت الشيء: أحسبت على الشيء، فهو حسيب عليه، وإنما يقال: حسبه وحسيبه، والله يقول: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا}.
(٤) أخرجه الطبري ٥/ ١٩١ عن مجاهد، وكذا هو في معاني النحاس ٢/ ١٥٠، والنكت والعيون ١/ ٥١٤.
(٥) انظر هذا الوجه في الكشاف ١/ ٢٨٧. واقتصر النحاس ١/ ٤٤١، ومكي ١/ ٢٠٠ على الأول. وفي جملة (ليجمعنكم) وجهان آخران: استئنافيّة، أو أن تكون خبرًا ثانيًا لـ (الله). انظر التبيان ١/ ٣٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>