للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله عزَّ وَجَلَّ: {إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ} (الذين) في موضع نصب على الاستثناء من الهاء والميم في قوله: {فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ} (١). ومعنى {يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ}: ينتهون إليهم ويتصلون بهم، وعن أبي عبيدة: هو من الانتساب (٢). وأُنكِر عليه ذلك؛ لأنَّ النسب لا يمنع من قتال الكفار، فقد قاتل رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بمن معه مَنْ هو من أنسبائهم (٣).

وقوله: {بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ} (ميثاق) رفع بالابتداء، والظرف خبره، أو بالظرف، والجملة في موضع الجر على النعت لقوم.

وقوله: {أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ} (أو جاءوكم) قد جوز أن يكون عطفًا على صفة {قَوْمٍ}، والموصوف محذوف، والتقدير: إلَّا الذين يصلون إلى قوم معاهدين، أو قوم ممسكين عن القتال لا لكم ولا عليكم، وأن يكون عطفًا على صلة {الَّذِينَ} والتقدير: إلَّا الذين يتصلون بالمعاهدين، أو الذين لا يقاتلونكم (٤).

وأما {حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ} ففيه أوجه:

أحدها: أنه في موضع نصب على الحال من الضمير في جاؤوا، وقد معه مرادة، أي: أو جاؤوكم قد حصرت صدورهم، كما تقول: أتاني فلان ذهب عقله، أي: قد ذهب عقله، تعضده قراءة من قرأ: (حَصِرَةً) بالنصب والتنوين وهو يعقوب وغيره (٥)، فنصبه على الحال من المضمر المرفوع في {جَاءُوكُمْ} كما تري، فالفعل للصدور وهو حال لهم، كما أن اللهو في قوله


(١) من الآية السابقة.
(٢) كذا نسبه إليه أيضًا: النحاس في معانيه ٢/ ٥٤، والزمخشري في الكشاف ١/ ٢٨٨.
(٣) انظر مثل هذا الإنكار في الطبري ٥/ ١٩٨، ومعاني النحاس ٢/ ١٥٤.
(٤) الوجهان للزمخشري ١/ ٢٨٨ مع ترجيح الثاني.
(٥) انظر قراءة يعقوب في المبسوط / ١٨٠/ والتذكرة ٢/ ٣٠٩. ونسبها الفراء ١/ ٢٨٢، والطبري ٥/ ١٩٩، والنحاس في معانيه ٢/ ١٥٦ وإعرابه ١/ ٤٤٣ إلى الحسن.

<<  <  ج: ص:  >  >>