للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عزَّ وجلَّ: {لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ} (١) فعل للقلوب وحال لأصحابها (٢).

والثاني: أنه صفة لموصوف محذوف هو حال على تقدير: أو جاؤوكم قومًا حصرت صدورهم، كما تقول: هذا زيد قام، أي: هذا زيد رجلًا قام، فقام صفة لرجل، وهو حال، وجاز أن يكون الاسم حالًا؛ لأنَّ الصفة فعل، وإذا كانت الصفة فعلًا كان الموصوف في المعنى غيرَ اسمٍ مَحْضٍ، إلا ترى أنه يجري مجرى قولك: هذا زيد موصوفًا بالقيام، أو هذا مذكورًا بالقيام، ولولا ذلك لَمْ يجز؛ لأنَّ الحال يجب أن تكون متضمنة لمعنى الوصفية من حيث معناها الانتقال والتحول، وذلك لا يكون في الأسماء، إذ الرجل لا يكون امرأة، كما [لا] (٣) يكون الراكب راجلًا، وكذلك قوله جل ذكره: {أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ} أي: جاؤوكم موصوفين بحصر الصدور، أو مذكورين بذلك، فاعرفه فإنه موضع.

والثالث: أنه بدل من {جَاءُوكُمْ}، وهو بدل الاشتمال؛ لأنَّ المجيء يشتمل على الحصر وغيره فأوضح بالحصر.

والرابع: أنه دعاء عليهم (٤)، كأنه قيل: أحصر الله صدورهم، كقوله: {قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} (٥) فعلى هذا الوجه لا موضع له من الإِعراب.

وأنكر أبو علي هذا الوجه وقال: لا يصح أن يكون {حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ} دعاء، لأنَّ بعده {أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ} وهذا أجمل أحواله أن يكون بمنزلة قولك: ضَيَّقَ اللَّهُ صدورهم من قتالكم، أو قتال


(١) سورة الأنبياء، الآية: ٣.
(٢) هذا الوجه للفراء ١/ ٢٨٢. وحكاه النحاس ١/ ٤٤٣ عنه.
(٣) من المطبوع فقط.
(٤) هذا الوجه للمبرد في مقتضبه ٤/ ١٢٤. وحكاه النحاس ١/ ٤٤٣ عنه.
(٥) سورة التوبة، الآية: ٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>