للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: {فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} ابتداء وخبر، والفاء جواب الشرط.

و{خَالِدًا}: منصوب على الحال؛ واختلف في ذي الحال والعامل، فقيل: كلاهما محذوف دل عليه {فَجَزَاؤُهُ}، تقديره: جازاه الله خالدًا، يعضده: {وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ}، فكما أن هذا ماض كذلك تُقَدِّرُ المحذوف (١).

وقيل: هو حال من الضمير المجرور في {فَجَزَاؤُهُ} وهو العامل في الحال، كما تقول: ضَرْبُ زيدٍ شديدٌ قائمًا، فقائمًا حال من زيد، والعامل فيها المضاف، وأبى ذلك صاحب القول الأول؛ لكونه حالًا من المضاف إليه مع الفصل بين ذي الحال والحال بخبر المبتدأ (٢).

ومذهب أهل السنة أن قاتل المؤمن عمدًا له توبة، وقوله: {فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا} إخبار بأن هذا جزاؤه، ولم يخبر بأنه موصل إليه أو لا يوصل إليه. قيل: والآية وإن كانت في سبب خاص فلفظها عام، وتجري على عموم اللفظ عند أكثر أهل العلم دون خصوص السبب، فلذلك تكلموا في هذا الوعيد: فبعضهم ذهب إلى أن المراد تغليظ الوعيد، والمعنى: فجزاؤه جهنم خالدًا فيها من عظم ما ارتكبه، لكنه تعالى أخبر أنه لا يجازيه هذا الجزاء بقوله: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} وأما الغضب واللعنة والعذاب العظيم، فالكل ثابت لأنه أخبر عن وقوعه بلفظ الماضي.

وبعضهم قال: فيه إضمار الشرط والتقدير: فجزاؤه جهنم خالدًا فيها إن جازاه.


(١) انظر هذا الوجه عند العكبري ١/ ٣٨١.
(٢) انظر التبيان الموضع السابق، وكذا وافقه السمين ٤/ ٧٣. لكن قال الأشموني في شرحه على الألفية ٢/ ١٧٩: إن مذهب الفارسي الجواز. يعني مجيء الحال من المضاف إليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>