للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي: يفارقهم على رغم أنوفهم، يقال: راغم فلان قومه، إذا نابذهم وخرج عنهم، وهم يكرهون مفارقته لمذلة تلحقهم بذلك (١).

وقيل: كان الرجل إذا أسلم عادى قومه وهجرهم، فسُمِّيَ خروجُه مُراغَمًا، وسُمِّي مسيرُهُ إلى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هجرةً (٢). فقول القائل: راغمت فلانًا، معناه: هجرته وعاديته، كأنه لا يبالي به وإن لصقَ أنفُه بالرَّغَام، وهو التراب (٣).

وقوله: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ} (مُهَاجِرًا): منصوب على الحال من المستكن في {يَخْرُجْ}، و {إِلَى} متعلق بقوله: {مُهَاجِرًا}.

والجمهور على جزم {يُدْرِكْهُ} عطفًا على {يَخْرُجْ}، وقرئ: (ثم يدركُه) بالرفع (٤)، على أنَّه خبر مبتدأ محذوف، أي: ثم هو يدركه، وقيل: رَفْعُ الكافِ منقول من الهاء، كأنه أراد أن يقف عليها، ثم نقل حركة الهاء إلى الكاف كقوله:

١٦٧ - * مِنْ عَنَزِيٍّ سبَّنِي لَمْ أَضْرِبُهْ (٥) *

وقرئ: (ثم يدركَه) بالنصب (٦) على إضمار أن؛ لأنه لَمْ يعطفه على


(١) الكشاف ١٠/ ٢٩٢.
(٢) غريب القرآن لابن قتيبة / ١٣٤/.
(٣) معاني النحاس ٢/ ١٧٤.
(٤) هي قراءة طلحة بن سليمان، وإبراهيم النخعي، انظر المحتسب ١/ ١٩٠، والمحرر الوجيز ٤/ ٢٣٠.
(٥) رجز لزياد الأعجم، وقبله:
* عجبت والدهر كثير عجبه *
وهو من شواهد سيبويه ٤/ ١٨٠، والكامل ٢/ ٦٩٣، وتكملة الفارسي / ٢١٢/، والمحتسب ١/ ١٩٦، والإفصاح/ ١٠٤/، والمفصل/ ٤٠٤، والكشاف ١/ ٢٩٤.
(٦) نسبها في المحتسب ١/ ١٩٧ إلى الحسن، وأضافها ابن عطية ٤/ ٢٣١ إلى قتادة، ونبيح، والجراح أيضًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>