للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا}: أي أولى بجنس الغَنِيّ والفقير، أي: بالأغنياء والفقراء، تعضده قراءة من قرأ: (فالله أولى بهم) وهو أبي (١) - رضي الله عنه -. فالضمير هنا راجع إلى ما دل عليه قوله: {إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا} إلى المذكور، فلهذا ثُني الضمير في {بِهِمَا}، والقياس توحيده؛ لأن {أَوْ} لأحد الشيئين، وهي هنا على بابها عند الجمهور، وقد مضى الكلام على نحو هذا فيما سلف من الكتاب بأشبع من هذا (٢).

وعن أبي الحسن: إنَّ {أَوْ} هنا بمعنى الواو (٣)، فالضمير في {بِهِمَا} على هذا راجع إلى المذكور وهو غَنِيٌّ وفقير، والوجه ما عليه الجمهور، فاعرفه.

وعن ابن مسعود - رضي الله عنه -: (إن يكن غنيٌّ أو فقيرٌ) بالرفع (٤)، على أَنَّ كان تامة بمعنى الحدوث والوقوع.

وقوله: {أَنْ تَعْدِلُوا} مفعول من أجله، أي: كراهة أن تعدلوا بين الناس؛ لأن من خالف الحق كره العدل، أو: إرادة أن تعدلوا عن الحق، فعلى الأول: معناه العدل، وعلى الثاني: معناه العدول، فاعرفه.

وقوله: {وَإِنْ تَلْوُوا} قرئ: بسكون اللام وبعدها وَاوَان، الأولى منهما مضمومة والثانية ساكنة (٥)، وهو من التبديل، ومنه {يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ} (٦)، أي: يزيلونها عن الحق إلى الباطل والكذب، أي: وإن تلووا ألسنتكم عن شهادة الحق أو حكومة العدل، أو تعرضوا عن أداء الشهادة وتمنعوها. وأصله: تَلْوِيُوا استثقلت الضمة على الياء فحذفت فسكنت وبعدها


(١) انظر قراءته في الكشاف ١/ ٣٠٤، والمحرر الوجيز ٤/ ٢٧٩.
(٢) انظر أول إعراب الآية (١٩) من البقرة.
(٣) معاني أبي الحسن الأخفش ١/ ٢٦٧. وحكاه عنه النحاس ١/ ٤٦٠ وخطأه.
(٤) انظر هذه القراءة في الكشاف ١/ ٣٠٤، والدر المصون ٤/ ١١٧.
(٥) هذه قراءة أكثر العشرة كما سوف يأتي.
(٦) سورة آل عمران، الآية: ٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>