للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عليه عدم فهم معانيه، حتى شبه الله قلوبهم التي لا تعي القرآن ولا تدرك معانيه بأنها كالقلوب التي عليها الأقفال قد أحكم غلقها، فلا يمكن أن يصل إليها شيء من معاني القرآن، قال تعالى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} (١).

يقول قتادة عند هذه الآية: «إذاً والله يجدون في القرآن زاجراً عن معصية الله، لو تدبره القوم فعقلوه، ولكنهم أخذوا بالمتشابه فهلكوا عند ذلك» (٢).

ولما أمر تعالى بتدبر القرآن في سورة النساء، ذكر امتناع الاختلاف والاضطراب في القرآن؛ تنبيهاً على أن التدبر التام المفضي إلى فهم القرآن يمتنع معه وجود الاختلاف والتناقض، قال تعالى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} (٣)، وبالمقابل عدم تدبر القرآن الكريم يؤدي إلى الخلل في فهمه، ومن ثم الظن بأن في القرآن اختلافاً وتناقضاً، فعلم بذلك أن الخطأ في فهم القرآن سببه عدم التدبر لآياته (٤).

يقول القرطبي (٥): «دلت هذه الآية على وجوب تدبر القرآن ليعرف


(١) سورة محمد آية (٢٤)، وانظر تفسير القرآن العظيم لابن كثير (٦/ ٢٠٣).
(٢) جامع البيان (٢١/ ٢١٦).
(٣) سورة النساء آية (٨٢).
(٤) انظر البرهان (٢/ ٣١٩).
(٥) هو أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي فرح الأنصاري القرطبي المالكي المفسر، كتابه الجامع أشهر مصنفاته، وله: التذكرة، والتذكار في أفضل الأذكار، والكتاب الأسنى، توفي في شوال سنة (٦٧١).
انظر: الديباج المذهب (ص ٤٠٦)، وطبقات المفسرين للسيوطي (ص ٧٩)، وطبقات المفسرين للداودي (٢/ ٦٩).

<<  <   >  >>