للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

للصحابة والتابعين - رضي الله عنهم - موقف مضاد لهذا المنهج، وجهد واضح في حماية المسلمين من تأثير المبتدعة أوالتلبيس عليهم في فهم القرآن؛ تمثل ذلك في الآتي:

أولاً: التحذير من الجلوس إليهم خشية أن يلقوا شبهة في كتاب الله تعالى فتعلق في قلوب بعض الناس، فقد دخل رجلان من أصحاب الأهواء على محمد بن سيرين فقالا: «يا أبا بكر نحدثك بحديث؟ ، فقال: لا، قالا: فنقرأ عليك آية من كتاب الله؟ ، قال: لا؛ لتقومان عني، أو لأقومن، فقام الرجلان فخرجا، فقال بعض القوم: يا أبا بكر وما عليك أن يقرأا عليك آية من كتاب الله تعالى؟ ! ، فقال ابن سيرين: أني خشيت أن يقرأا علي آية، فيحرفانها فيقر ذلك في قلبي» (١).

وفي بعض الروايات عنه أن رجلاً قال له: «يا أبا بكر أقرأ عليك آية من كتاب الله؛ لا أزيد على أن أقرأها ثم أخرج، فحرَّج عليه ابن سيرين أن يخرج من بيته، وبعد إلحاح شديد خرج الرجل، فقيل لابن سيرين في ذلك، فقال: إني والله لو ظننت أن قلبي يثبت على ما هو عليه ما باليت أن يقرأ، ولكن خفت أن يلقي في قلبي شيئاً؛ أجهد أن أخرجه من قلبي فلا أستطيع» (٢).

وهذا الأمر داخل في عموم نهيهم عن مجالسة أهل البدع، ولهم في ذلك


(١) سنن الدارمي (١/ ١١٥)، والسنة لعبد الله بن أحمد (١/ ١٣٨)، وحلية الأولياء (٩/ ٢١٧ - ٢١٨)، وشرح أصول اعتقاد أهل السنة (١/ ١٣٣)، والقصة في كتاب القدر للفريابي (ص ٢١٥)، والشريعة للآجري (ص ٦٣) بأخصر من هذا.
(٢) ما جاء في البدع لابن وضاح (ص ١١٥ - ١١٦).

<<  <   >  >>