للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ} (١) أمؤمنون هم أم كفار؟ ، فسكت الرجل، فقال أيوب: اذهب فاقرأ القرآن، فكل آية في القرآن فيها ذكر النفاق فإني أخافها على نفسي (٢).

سادساً: اتخاذ آيات الصفات طريقاً لمعرفة عقيدة بعض الناس حول قضيةٍ ما بسؤاله عن تفسير آية متعلقة بما يقال عنه، فقد يثار حول بعض الناس أنه يقول بما يخالف العقيدة الصحيحة، ويشاع عنه ذلك؛ فيلجأ السلف إلى سؤاله عن تفسير آيات متعلقة بما أثير حوله؛ بهدف التثبت والوقوف المباشر على رأيه، أو للرد على منتقديه ومتهميه، وأيضاً فقد يلجأ أهل البدع إلى تأييد بدعتهم بإثارة قولٍ منكر عن أحد الأئمة، وأنه يقول به فيشتهر بين الناس، فيلجأ العلماء إلى سؤاله للرد عليهم (٣)، كما حصل مع الحسن البصري - رحمه الله -، فقد أثير أنه يقول بالقدر (٤)، فسأله غير


(١) سورة التوبة من الآية (١٠٦).
(٢) صفة النفاق للفريابي (ص ١٢٦)، والإبانة لابن بطة "الإيمان" (٢/ ٧٥٤)، ولمزيد شواهد انظر: سنن سعيد بن منصور (٥/ ١٣٧)، وكتاب القدر للفريابي (ص ٢٠٢ - ٢٠٣) وتفسير ابن أبي حاتم (٣/ ١٠٠٩).
(٣) انظر: سنن أبي داود، كتب السنة، باب لزوم السنة (٤/ ٢٠٥)، والمعرفة والتاريخ (٢/ ٣٤).
(٤) وسبب ذلك أنه خرجت منه كلمات تشعر بنفي القدر من غير اعتقاد منه، فطار بها بعض الناس وأشاعوها عنه، فلما سئل عن رأيه في القدر أثبته كسائر السلف، فعن حمزة بن دينار: «عوتب الحسن في شيء من القدر، فقال: كانت موعظة فجعلوها ديناً»، الإبانة لابن بطة "القدر" (٢/ ١٨٧)، وعن ابن عون قال: «لو علمنا أن كلمة الحسن تبلغ ما بلغت لكتبنا برجوعه كتاباً وأشهدنا عليه شهوداً، ولكنا قلنا: كلمة خرجت لا تحمل»، سنن أبي داود، كتاب السنة، باب لزوم السنة (٤/ ٢٠٥)، والنصوص التي ذكرناها تدل صراحة على إثباته القدر، يقول الذهبي في سير أعلام النبلاء (٤/ ٥٨٣): «وقد مر إثبات الحسن للأقدار من غير وجه عنه، سوى حكاية أيوب عنه، فلعلها هفوة منه ورجع عنها، ولله الحمد»، وانظر تفسير التابعين (٢/ ٨٢١ - ٨٢٤).

<<  <   >  >>