للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الله تعالى: {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ} (١) وما للرجال وما للحكم؟ ! ».

فأخذوا بظاهر الآية، وبنوا عليه عدم جواز التحاكم إلى الرجال مطلقاً، ومن فعل ذلك تعرض للوعيد الوارد في قوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} (٢)، وقد تركوا ما يبين الآية من الأدلة الأخرى، ولذلك رد عليهم ابن عباس، فقال: «أرأيتم إن قرأت عليكم من كتاب الله ومن سنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - ما يرد به قولكم؛ أترضون؟ ، قالوا: نعم، فقال: أما قولكم حكم الرجال في أمر الله، فأنا أقرأ عليكم ما قد رُدَّ حكمه إلى الرجال في ثمن ربع درهم؛ في أرنب ونحوها من الصيد، فقال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} إلى قوله: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} (٣)، فنشدتكم الله أحكم الرجال في أرنب ونحوها من الصيد أفضل أم حكمهم في دمائهم وصلاح ذات بينهم؟ ! ، وأن تعلموا أن الله لو شاء لحكم، ولم يصيّر ذلك إلى الرجال، وفي المرأة وزوجها قال الله عز وجل: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا} (٤)،

فجعل الله حكم الرجال سنة مأمونة، أخرجت عن هذه؟ ، قالوا: نعم»، إلى آخر القصة، قال ابن عباس في آخرها: «فرجع من القوم


(١) سورة الأنعام من الآية (٥٧).
(٢) سورة المائدة من الآية (٤٤)، وانظر: الملل والنحل (١/ ١١٧)، ومجموع الفتاوى لابن تيمية (١٣/ ٢٠٨)، والاعتصام للشاطبي (٢/ ٢٣٤).
(٣) سورة المائدة من الآية (٩٥).
(٤) سورة النساء من الآية (٣٥) ..

<<  <   >  >>