للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يحيى بن يعمر أنه قال لابن عمر: «يا أبا عبد الرحمن إنه قد ظهر قبلنا ناس يقرؤون القرآن ويتقفرون العلم، وذكر من شأنهم، وأنهم يزعمون أن لا قدر، وأن الأمر أُنُف» (١).

والقدرية في بداية ظهورهم أنكروا علم الله تعالى بالأشياء، وزعموا أن الأمر أنف، وأن الله تعالى لا يعلم من يطيعه ممن يعصيه إلا بعد وقوع ذلك منه، وقد اشتد إنكار الصحابة عليهم كأبي هريرة وابن عمر وابن عباس - رضي الله عنهم - مما أدى إلى انقراض قولهم (٢)، ومما جاء فيهم (٣):

أنه قيل لعلي - رضي الله عنه -: «يا أمير المؤمنين إن ها هنا قوماً يقولون: إن الله لا يعلم ما يكون حتى يكون، فقال: ثكلتهم أمهاتهم من أين قالوا هذا؟ ، قيل: يتأولون القرآن في قوله تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ} (٤)، فقال علي - رضي الله عنه -: من لم يعلم هلك، ثم صعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، وقال: أيها الناس تعلموا العلم واعملوا به وعلموه، ومن أشكل عليه شيء


(١) صحيح مسلم، كتاب الإيمان (١/ ٣٦) برقم (١).
(٢) انظر في نشأة مذهبهم: الفرق بين الفرق (١٨)، ومجموع الفتاوى لابن تيمية (٨/ ٢٢٨)، وشرح العقيدة الطحاوية (ص ٢٥٠)، والقضاء والقدر د. عبد الرحمن المحمود (ص ١١٧) وما بعدها.
(٣) وتقدم قول القرظي فيهم: «والذي نفس محمد بيده لوددت أن يميني هذه تقطع على كبر سني، وأنهم أتوا من كتاب الله عز وجل آية، ولكنهم يأخذون بآخرها ويتركون أولها».
وقول ابن سيرين: «إن لم يكن أهل القدر الذين يخوضون في آيات الله فلا علم لنا به».
(٤) سورة محمد آية (٣١).

<<  <   >  >>