للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أولاً: التشنيع على متبعي المتشابه والإنكار عليهم، وبيان سوء سبيلهم ومسلكهم، وقد يصل الأمر إلى تأديبهم، ومن شواهده:

١ - تأديب عمر - رضي الله عنه - لصبيغ، وجاء في بعض الروايات أنه كان يسأل عن متشابه القرآن (١)، وسياق القصة يدل على أنه كان معروفاً بهذا الأمر، ففي بعض الروايات: أنه قيل لعمر: «يا أمير المؤمنين إنا لقينا رجلاً يسأل عن تأويل القرآن، فقال: اللهم أمكني منه، فبينما عمر - رضي الله عنه - ذات يوم يغدي الناس؛ إذ جاءه رجل عليه ثياب وعمامة يتغدى، حتى إذا فرغ قال: يا أمير المؤمنين: {وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا (١) فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا} (٢)؟ ، فقال عمر - رضي الله عنه -: أنت هو! » (٣)، ثم ضربه وحبسه، وأمر المسلمين بهجره (٤).

وقد بين ابن تيمية وجه كون الآيات التي سأل عنها صبيغ من المتشابه، فقال: «والذاريات، والحاملات، والجاريات، والمقسمات فيها اشتباه، لأن اللفظ يحتمل الرياح والسحاب والنجوم والملائكة، ويحتمل غير ذلك، إذ ليس في اللفظ ذكر الموصوف، والتأويل الذي لا يعلمه إلا الله هو أعيان السحاب وما تحمله من


(١) جاء ذلك في سنن الدارمي (١/ ٥٨)، والشريعة للآجري (ص ٧٩).
(٢) سورة الذاريات الآيتان (١، ٢).
(٣) أخرج هذه الرواية الآجري في الشريعة (ص ٧٨)، وفي سنن الدارمي (١/ ٥٩) أن صبيغاً كان يسأل عن أشياء من القرآن في أجناد المسلمين، فبُعث به إلى عمر.
(٤) تقدم تخريج القصة (ص ٧٥).

<<  <   >  >>