للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يكن عند أبي صالح من الحديث المسند (١)، يعني: إلا شيءٌ يسير، قال مهنا: قلت: أي شيء؟ ، قال: عن أبي صالح، عن ابن عباس، قال تعالى: } وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} (٢)، قال: النفقة في سبيل الله» (٣).

وبتأمل كلام الإمام أحمد وقبله كلام ابن مقسم يتبين أن سماع أبي صالح من ابن عباس قليل، والنسخة التفسيرية الكبيرة التي يرويها عنه لم يسمع منها إلا القليل مما لا يمكن تمييزه، وأغلبها أخذها من الكتب، ولا تعلم واسطته فيها، وعليه نستطيع الحكم على أبي صالح بالتدليس (٤).


(١) ومراده بالمسند هنا المتصل، انظر في تعريفه: الكفاية للخطيب (ص ٥٨)، ومقدمة ابن الصلاح (ص ١٩٠).
(٢) سورة البقرة من الآية (١٩٥).
(٣) المنتخب من العلل للخلال (١٢٧)، وأثر أبي صالح في: جامع البيان (٣/ ٣١٣، ٣١٨)، وتفسير ابن أبي حاتم (١/ ٣٣٠).
(٤) انظر: تقريب التهذيب (ص ١٦٣) ط. دار العاصمة، وسلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة (١/ ٢٥٩)، ويشبه أبا صالح في تدليسه ما ذكره ابن حجر في تعريف أهل التقديس (ص ٧١ - ٧٢) عن عمرو بن شعيب، مع الاختلاف بين الرجلين، فإن عمراً أوثق من أبي صالح وأكثر حديثاً مرفوعاً منه، قال ابن حجر عن عمرو: «تابعي صغير مشهور مختلف فيه، والأكثر على أنه صدوق في نفسه، وحديثه عن غير أبيه عن جده قوي، قال ابن معين: إذا حدث عن أبيه عن جده فهو كتاب، وإذا حدث عن سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار وعروة فهو ثقة، وقال أبو زرعة: روى عنه الثقات، وإنما أنكروا عليه كثرة روايته عن أبيه عن جده، وقالوا: إنما سمع أحاديث يسيرة وأخذ صحيفة كانت عنده فرواها، وعامة المناكير في حديثه من رواية الضعفاء عنه، وهو ثقة في نفسه، إنما تكلم فيه بسبب كتاب كان عنده، وقال ابن أبي خيثمة: سمعت هارون بن معروف يقول: لم يسمع عمرو من أبيه شيئاً، إنما وجده في كتاب أبيه، وقال ابن عدي: روى عنه أئمة الناس وثقاتهم وجماعة من الضعفاء إلا إن أحاديثه عن أبيه عن جده مع احتمالهم إياه لم يدخلوها في صحاح ما خرجوا، وقالوا: هي صحيفة، قلت [أي ابن حجر]: فعلى مقتضى قول هؤلاء يكون تدليساً، لأنه ثبت سماعه من أبيه، وقد حدث عنه بشيء كثير مما لم يسمعه منه مما أخذه عن الصحيفة بصيغة عن، وهذا أحد صور التدليس، والله أعلم».

<<  <   >  >>