للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على استك بالطبل خير من مجلسك هذا» (١).

وهناك أسباب دعت الشعبي لإطلاق هذه العبارات الشديدة في السدي، وهي تشبه إلى حد كبير الأسباب التي دعته لانتقاد أبي صالح، ومن هذه الأسباب ما يختص بالشعبي، ومنها ما يتعلق بالسدي.

فالشعبي - رحمه الله - عرف بالورع الشديد عن التفسير والقول في القرآن، وأما السدي فكان لا يرى بأساً في ذلك، ويكثر من التفسير ويطنب في ذكر الروايات عن ابن عباس وابن مسعود - رضي الله عنهم - (٢)، ومما زاد في نفور الشعبي من السدي أن الأخير يعقد المجالس لتفسير القرآن، ويجتمع الطلاب والناس حوله كما تشير إليه الروايات السابقة، وهذا الاختلاف في المنهج تسبب في كلام الشعبي فيه.

ومما ينبغي تأمله عند النظر في نقد الشعبي أن السدي الكوفي - رحمه الله - كان له اهتمام ظاهر بالروايات الإسرائيلية وتفسير القرآن بها، وكان يسهب في ذكرها إلى درجة تكون أقرب إلى السرد التاريخي منها إلى فهم النص القرآني (٣)، والشعبي من أهل الكوفة المعروفين بالبعد عن الإسرائيليات والتحذير منها كما تقدم تقريره عنهم، ومن الممكن اطلاع الشعبي على الإسرائيليات التي يذكرها السدي، فأطلق فيه هذه


(١) جامع البيان (١/ ٨٧)، والكامل لابن عدي (١/ ٤٤٦).
(٢) مجموع الفتاوى لابن تيمية (١٣/ ٣٦٦).
(٣) انظر على سبيل المثال: جامع البيان (١/ ٦٨٠، ٦٩٥، ٧٠٧، ٢/ ٦٣، ٧٨، ٣٤٤، ٥/ ٤٣٧، ١٣/ ٨٠، ٢٠/ ٦٦، ٩١).

<<  <   >  >>