للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا المنهج سلكه بعض المفسرين الذين اعتنوا بنقل الآثار كابن جرير وابن أبي حاتم، سيما من لم يكن الطعن فيه شديداً، كرواية الضحاك عن ابن عباس، ورواية أبي صالح عنه من غير طريق الكلبي.

وهذا الكلام يفيد أمرين:

الأول: أن بعض العلماء قد يجرح في جزئية من الجزئيات، ولا يعني بالضرورة جرحه من كل جهة، واطراحه من كل وجه، فيكون حجة في بعض العلوم التي صرف عنايته إليها، والجرح والتعديل الجزئي من منهج المحدثين، فينتقدون بعض الرواة أو يوثقونهم بالنسبة إلى شيخ أو بلد أو وقت (١)، ومن الأمثلة التوضيحية في غير التفسير:

١ - عاصم بن أبي النجود - رحمه الله - (٢)،

قال عنه الخطيب البغدادي: «احتج به في القراءات دون الأحاديث المسندات؛ لغلبة علم القرآن عليه فصرف عنايته إليه» (٣).


(١) ونبه المعلمي في التنكيل (١/ ٦٥ - ٦٦) إلى أنه قد يُحكى التضعيف مطلقاً، فيتوهم البعض أن الراوي ضعيف في كل شيء، وكذلك الأمر في التوثيق.
(٢) هو أبو بكر عاصم بن بهدلة الأسدي الكوفي الإمام المقرئ، وأبو النجود كنية أبيه، قرأ عاصم على أبي عبد الرحمن السلمي وزر بن حبيش، وتصدى للإقراء فانتهت إليه الإمامة في القراءة بالكوفة، قرأ عليه الأعمش وشعبة وحفص، توفي سنة (١٢٧).

انظر: الطبقات الكبرى لابن سعد (٦/ ٢٢٤)، ومعرفة القراء (١/ ٨٨)، وغاية النهاية (١/ ٣٤٦).
(٣) الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع (٢/ ١٩٤)، وذكره ابن حجر في التقريب (ص ٢٨٥) وقال: «صدوق له أوهام، حجة في القراءة، وحديثه في الصحيحين مقرون».

<<  <   >  >>