للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

البائن ولم يقبل قول المرأة، وهي فاطمة بنت قيس - رضي الله عنها - (١)، فقد كانت تقول: لا نفقة لها ولا سكنى، وتتأول الآية التي استدل بها عمر على أنها في الرجعية، وتقول: بيني وبينكم القرآن، قال الله عز وجل: {لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ} الآية، وتقول: هذا لمن كانت له مراجعة، فأي أمر يحدث بعد الثلاث؟ ! (٢).

وتستدل أيضاً بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يجعل لها نفقة ولا سكنى حين بت زوجها طلاقها (٣)، لكنَّ عمر تمسك بعموم الآية، وقال ما قال.

وأياً ما كان الصواب معه في قول عمر أو مخالفيه، فإن المراد بيان مدى تعظيم الصحابة - رضي الله عنهم - للقرآن، وأنهم لا يقبلون عليه قول أحد، ولا يخرجون عنه إلا بيقين، ولا يظن بعمر - رضي الله عنه - أنه يرد حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإنما لأنه لم يتحقق من ثبوته عنه، ولذا أضاف القول إلى من هو دونه، وأشار في كلامه إلى عدم طمأنينته من نقل الرواي، فقال: «لقول امرأة لا ندري لعلها حفظت أو نسيت» (٤)، ولما كانت المرأة عنده بهذه


(١) هي فاطمة بنت قيس بن خالد القرشية الفهرية، أخت الضحاك بن قيس، من المهاجرات الأول، كانت ذات عقل، اجتمع في بيتها أصحاب الشورى لما قتل عمر، روى عنها ابن المسيب وعروة.
انظر: الطبقات الكبرى لابن سعد (٨/ ٢٠٠)، وأسد الغابة (٧/ ٢٣٠)، وتهذيب التهذيب (٤/ ٦٨٥).
(٢) صحيح مسلم، كتاب الطلاق (٢/ ١١١٧) برقم (١٤٨٠/ ٤١).
(٣) المصدر السابق.
(٤) قال ابن حجر في فتح الباري (٩/ ٤٨١) معلقاً على قول عمر - رضي الله عنه -: «ولقد كان الحق ينطق على لسان عمر، فإن قوله: لا ندري حفظت أو نسيت، قد ظهر مصداقه في أنها أطلقت في موضع التقييد، أو عممت في موضع التخصيص».

<<  <   >  >>