للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رجلٌ فوقف على رأسه فقال: يا أبا العباس - أو يا أبا الفضل - ألا تشفيني عن آية المحيض؟ ، قال: بلى، فقرأ: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ} (١) حتى بلغ آخر الآية، فقال ابن عباس: من حيث جاء الدم، من ثَمَّ أُمرت أن تأتي، فقال له الرجل: يا أبا الفضل، كيف بالآية التي تتبعها: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} (٢)؟ فقال: إي ويحك! وفي الدُّبر من حرث؟ ! ، لو كان ما تقول حقًّا، لكان المحيض منسوخاً، إذا اشتغل من ههنا، جئتَ من ههنا، ولكن: {أَنَّى شِئْتُمْ} من الليل والنهار» (٣).

وفي قوله: وفي الدبر من حرث؛ إشارة إلى بطلان ما فهمه الرجل من الآية، وهو جواز إتيان المرأة في الدبر، لأن الآية نصت على أن النساء حرث للرجال، والدبر ليس محلاً للحرث في لغة العرب.

وجاء عنه ما يوضح ذلك، فإنه قال في هذه الآية: «إنما المحترث من القبل الذي يكون منه النسل والحيض، وكان ينهى عن إتيان المرأة في دبرها، ويقول: إنما نزلت هذه الآية: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} يقول: من أي وجه شئتم» (٤).


(١) سورة البقرة من الآية (٢٢٢).
(٢) سورة البقرة من الآية (٢٢٣).
(٣) جامع البيان (٣/ ٧٥٠)، وتفسير ابن أبي حاتم (٢/ ٤٠٢).
(٤) أخرجه ابن جرير في جامع البيان (٣/ ٧٤٨)، وروى عن عطاء إنكار هذا الفهم أيضاً.

<<  <   >  >>