للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد استدل العلماء بهذه الآيات ونحوها على عصمة الملائكة، ونقل القاضي عياض (١) إجماع الأئمة على أن المرسلين من الملائكة معصومون كالأنبياء سواء بسواء، ثم نقل الخلاف في غير المرسلين منهم، واحتجاج من قال بعصمتهم بالآية السابقة وغيرها، وأن طائفة من العلماء قالوا: العصمة خاصة بالمرسلين منهم والمقربين، ورحج القول بعصمة الجميع (٢)، وهو الأظهر فإن الله تعالى اصطفى الملائكة لعبادته وجبلهم على طاعته وأخبر أنهم لا يعصونه، فلا يجوز أن ينسب إليهم ما يزري بمناصبهم، ولو سلم بوقوع بعضهم في الذنوب، فمن غير اللائق جعل حادثة أو حادثتين سلماً للطعن بهم وانتقاصهم بذكر قصص يتعذر الوقوف على حقيقتها، ولما نقل الآلوسي عند قوله تعالى: {وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا} (٣) عن بعض القُصَّاص أن الملائكة كانت تمر على موسى - عليه السلام - فيلكزونه بأرجلهم، ويقولون: يابن النساء الحيض أطمعت في رؤية رب العزة، قال: «وهو كلام ساقط لا يعول عليه بوجه، فإن الملائكة - عليهم السلام - مما يجب تبرئتهم من إهانة الكليم بالوكز بالرجل


(١) هو أبو الفضل عياض بن موسى بن عياض اليحصبي المالكي، أندلسي الأصل، وولد في سبتة سنة (٤٧٦)، له عناية بعلم الحديث واللغة، من كتبه: الشفا، وإكمال المعلم، ومشارق الأنوار، توفي سنة (٥٤٤).
انظر: وفيات الأعيان (٣/ ٤٨٣)، والديباج المذهب (ص ٢٧٠).
(٢) الشفا (٢/ ٨٥١)، وانظر في عصمة الملائكة: البحر المحيط للزركشي (٤/ ١٧٤).
(٣) سورة الأعراف من الآية (١٤٣).

<<  <   >  >>