للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ} إلى قوله: {وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} (١)، فتجوز لهم من حديث النفس وأخذوا بالأعمال» (٢).

وفي رواية أن ابن عمر - رضي الله عنهما - تلا هذه الآية، وقال: «والله لئن آخذنا الله بهذا لنهلكن! ، ثم بكى حتى سمع نشيجه» (٣).


(١) سورة البقرة الآيتان (٢٨٥، ٢٨٦).
(٢) تفسير عبد الرزاق (١/ ١٢٢)، ومسند أحمد (١/ ٣٣٢)، وجامع البيان (٥/ ١٣٣)، قال ابن كثير في تفسيره (١/ ٥٠٣) بعد أن ساق طرقه: «فهذه طرق صحيحه عن ابن عباس».
(٣) جامع البيان (٥/ ١٣٢)، وهذه الرواية لسعيد بن مرجانة عن ابن عمر، وصحح إسنادها ابن حجر في الفتح (٨/ ٢٠٦)، وروى القصة أيضاً سالم بن عبد الله كما في الناسخ والمنسوخ لأبي عبيد (ص ٢٧٦)، وجامع البيان (٥/ ١٣٣)، وجاء عن ابن عمر في صحيح البخاري، في كتاب التفسير، باب {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ} (٥/ ١٦٥) أن هذه الآية نسخت بالآية التي بعدها، وأجاب ابن حجر في فتح الباري (٨/ ٢٠٦) بأن ابن عمر كان لا يعرف القصة أولاً، ثم لما تحقق منها جزم بالنسخ.

وجاء التصريح بالنسخ عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، قال: «لما نزلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}، قال: فاشتد ذلك على أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم بركوا على الركب فقالوا: أي رسول الله! كلفنا من الأعمال ما نطيق: الصلاة والصيام والجهاد والصدقة، وقد أنزلت عليك هذه الآية ولا نطيقها، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتابين من قبلكم: سمعنا وعصينا، بل قولوا: سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير»، قالوا: سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير، فلما اقترأها القوم ذلت بها ألسنتهم، فأنزل الله في إثرها: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ}، فلما فعلوا ذلك نسخها الله تعالى، فأنزل الله عز وجل: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا}». الحديث، صحيح مسلم، كتاب الإيمان (١/ ١١٥) برقم (١٢٥).
وقال بالنسخ ابن مسعود وابن جبير ومجاهد والشعبي والحسن وقتادة والسدي وابن زيد، انظر جامع البيان (٥/ ١٣٤ - ١٣٨).

<<  <   >  >>