للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والطاعون:

«يحتمل أن يكون - صلى الله عليه وسلم - دعا لأمته بطريق التعميم، فاستجاب الله دعاءَه في بعضهم فيكون من العامّ المخصوص، ويحتمل أن يكون أراد - صلى الله عليه وسلم - بلفظ «أمتي» طائفةً مخصوصةً كأصحابه مثلاً، أو صفةً مخصوصةً كالخيار مثلاً، فيكون من العامّ الذي أُريد به الخصوص.

والأول قد يوجّه بأنَّ الصَّحابة لم يموتوا كلُّهم بالأمرين ولا بأحدهما فقط، وكذلك الخيار؛ فإنَّ الكثير منهم يموتون بغيرِهما، وقريبٌ من الأول دعاؤه - صلى الله عليه وسلم - للمؤمنين بالمغفرة، مع أنه ثبت بالأدلة القطعية عند أهل السنة أن طائفةً منهم يُعذّبون، ثم يخرجون من النار بالشّفاعة.

وفي عكس ذلك دعاؤه - صلى الله عليه وسلم - أن لا يُهلِك أمتَه (١) بالغرق، وأن يرفع عنهم الرّجم من السماء والخسف من الأرض، وأخبر - صلى الله عليه وسلم - أنه أُجيب إليها ثم وقعت بعدُ، فدلّ على أن المراد بنفي ذلك عن الأمة نفيه عن الجميع، وأن وقوعه لبعضهم لا يقدح في صحة الحديث؛ لصلاحيّة اللفظ لإرادة الكلِّ والبعض.

وكذا يقال في الحديث المسؤول عنه، وحديث الطاعون (٢) -أيضاً-: اللفظ صالحٌ لإرادة الكلِّ والبعض، فدل الواقع على أن المراد البعض فيهما، كما دلَّ الواقع في حديث الغرق ونحوه على أن المراد الكلّ، ثم إنه ليس المراد بالكلِّ


= اختلاف شديد في إسناده، تكلم شيخنا الألباني في «الإرواء» (٦/٧٠) على بعضها، وصحح الحديث بمجموع طرقه، وفي الباب عن عائشة وابن عمر -رضي الله عنهم-، وصرح ابن حجر في «بذل الماعون» (ص ٣٢٣) في موطن آخر بصحته.
(١) بعدها في «بذل الماعون» (ص ١٢٤) -ومنه ينقل المصنف-: «بِسَنة عامة، وأن لا يهلكهم ... » ، وقد سقطت على ناسخ أصل كتابنا هذا، وتصرف المصنف في كلام شيخه ابن حجر الآتي على وجه فيه اختصار، وتقديم وتأخير، فاقتضى التنويه، وسيأتي سياق الأحاديث الدالة على ما ذكره هنا، وما سيذكره قريباً، والله الموفق.
(٢) المذكور قريباً: «اللهم اجعل فناء أمتي ... » .

<<  <   >  >>