للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جميع الأمة من أولها إلى آخرها، وإنما المراد به جميع من يكون موجوداً في عصرٍ من الأعصار في جميع البلاد من الأمة المحمدية، بحيث تنقرض أمة الإجابة ولا يبقى مثلاً من الناس إلا أمة الدعوة.

وهذا لا يقع إلا بعد وقوع الآيات ونزول عيسى ابن مريم، وقبض أرواح من يوحّد إذ ذاك من أهل التوحيد، فلا يبقى على وجه الأرض من يقول لا إله إلا الله، فأولئك تقوم عليهم الساعة، كما ثبت في الحديث الصحيح (١) .

وأما ما قبل ذلك فللعلماء فيه اختلافٌ في مسألة: «هل تخلو الأرض من قائم لله بالحجّةِ؟» (٢) ، ليس هذا موضع إيراده.

وممن نحى إلى أن المراد بالأمة في حديث الطاعون الصحابة أبو العباس القرطبي في «شرح صحيح مسلم» (٣) ،

وتُعقب بأنه قد مات جمع كثيرٌ من الصحابة


(١) أخرج مسلم (١٤٨) عن أنس رفعه: «لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض: الله الله» .
وأخرج البخاري (٧٠٦٧) ، ومسلم (١٣١) وغيرهما من حديث ابن مسعود: «من شرار الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء» ، وأورد ابن حجر في «الفتح» (١٣/٨٥) ألفاظاً عديدة تدلل على ما ذكره المصنف، وأفرد أبو عمرو الداني في «الفتن» (٤/٨٠٧) : (باب ما جاء أن الساعة تقوم على أشرار الناس) ، فانظره.
(٢) تجد جواز الخلو عند أشراط الساعة آخر الزمان عند الكرماني في «شرحه على صحيح البخاري» (٢/٣٨ و٤/١٩٤ و١٣/٩٢) ، وسبقه الجويني في «البرهان» (٢/١٣٤٦) ، وأجاز الخلو الجماهير، والصواب أنه فرض لكل عصر، وتحمس له السيوطي في رسالته «الرد على من أخلد إلى الأرض، وجهل أن الاجتهاد في كل عصر فرض» وهي مطبوعة، انظر منها (ص ٦٧، ٩٧ وما بعد) ، وراجع التفصيل وتأصيل المسألة: «مجموع فتاوى ابن تيمية» (٢٠/٢٠٤) ، «المسودة» (٤٧٢) ، «إعلام الموقعين» (٤/٣٢- بتحقيقي) ، «الاعتصام» (٣/٣١٣- بتحقيقي) ، «الإحكام» (٤/٢٣٣) للآمدي، «جمع الجوامع» (٢/٣٩٨- مع «شرح المحلي» ) ، «تيسير التحرير» (٤/٢٤٠) ، «إرشاد الفحول» (ص ٢٥٣) ، وغيرها كثير.
(٣) المسمى: «المفهم لما أُشكل من تلخيص كتاب مسلم» (٥/٦١٢- ط. دار ابن كثير) ، قال:

«إن الطاعون مرضٌ عامٌ يكون عنه موت عام، وقد يُسمّى بالوباء، ويرسله الله نقمة وعقوبة لمن يشاء من عصاة عبيدِه، وكَفرتهم. وقد يُرسله شهادةً، ورحمة للصالحين من عباده، كما قال معاذ =

<<  <   >  >>