للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إبداء الرأي فيه، فلما قرأته رأيت عجبا، معلومات مشتتة، وتطويل لا حاجة له، لا يدري القارئ أول الكلام من آخره، وكان بالإمكان -وفق المنهج الصحيح -أن يقع تخريج هذا الحديث ودراسته في بضع صفحات لا تزيد.

وكنت أكرر دائما للباحثين الذين أشرف على رسائلهم أو أقرأ لهم بحوثهم أن جهدي الأكبر سينصب على تنشئة الباحث وتدريبه على حسن العرض وإتقانه، واختيار المعلومة، ووضعها في مكانها اللائق بها، وتسخيرها لتنسجم مع ما قبلها وما بعدها، والبعد عن الحشو والتطويل، واختيار العبارات المناسبة في المناقشة والاعتراض، فهذا هو الدور الأكبر للمشرف والناقد.

وما عدا ذلك فنحن فيه سواء، بل قد يتفوق الشباب في الوصول إلى المعلومات، والتنقيب عن الطرق، والاجتهاد والبحث.

وتبقى قضية اتباع قواعد المنهج الصحيح في الموازنة والترجيح والحكم، وقد تبين لي أنها فرع عن إتقان عرض التخريج والدراسة، فالباحث متى أتقن ذلك، وكان لديه قراءة يسيرة في قواعد المنهج الصحيح تجده لا يستطيع أن ينفك عن اتباع هذا المنهج، لأنه منهج معلل، منضبط، فالمعلومات التي يعرضها الباحث ويتقن عرضها ستقوده إذن إلى الاختيار الصحيح، وقد جربت هذا مع عدد من الطلاب.

وهذا أوان الشروع في هذه السلسلة، والابتداء -كما تقدم -سيكون بالجرح والتعديل، وهو يشتمل على تمهيد، وأربعة فصول:

الفصل الأول: الحكم على الراوي.

<<  <   >  >>