للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكان عبد الله بن وهب المصري يتساهل قليلا في السماع، ويصرح بالتحديث في الإجازة، وقد قيل لأحمد بعد أن أثنى عليه وبين صحة حديثه: أليس كان سيء الأخذ؟ قال: "قد كان يسيء الأخذ، ولكن إذا نظرت في حديثه وما روى عن مشايخه وجدته صحيحا" (١).

ولا شك أن هذه مهمة شاقة جدا، سهلها عليهم استعدادهم المسبّق للنقد والتمحيص؛ إذ يمضي الناقد قدرا كبيرا من عمره في الجمع والتحصيل، ليتمكن من المقارنة والموازنة والنظر، فالسنة أو غالبها بين ناظريه.

وهناك عدة محاور يدور حولها النظر في أحاديث الراوي ومروياته تكشف حاله، وهي:

[١ - اعتداله أو مجازفته في الرواية]

مما يستدل به على صدق الراوي وثبته أن يروي أشياء يمكن تصديقه فيها، فيروي عمن يحتمل سنه إدراكهم، ويروي أحاديث مستقيمة المتون، ولا يعرف عنه رواية ما لا يقبله العقل.

ومن هذا الباب أن يستدل الأئمة على صدق الراوي بروايته عن شخص مباشرة، وروايته عنه بواسطة واحد أو أكثر، ولو كان مجازفا لحدث عنه بالجميع دون واسطة، كما في قول ابن معين وسئل عن روح بن عبادة: "ليس به بأس، صدوق، حديثه يدل على صدقه، يحدث عن ابن عون، ثم يحدث عن حماد بن زيد، عن ابن عون" (٢).


(١) "الجرح والتعديل"٥: ١٨٩.
(٢) "تاريخ بغداد"٨: ٤٠٤.

<<  <   >  >>