للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القدح فيه إذا حدث من حفظه، إذ قد يكون مرادهم الثناء عليه في الحالين، قال أحمد في أبي أسامة حماد بن أسامة: "كان ثبتا، صحيح الكتاب" (١)، وقد قال فيه أيضا: "كان ثبتا، لا يكاد يخطئ، ما كان أثبته" (٢).

[السادسة: تضعيف الراوي في آخر عمره، وتقويته قبل ذلك]

يعرض لبعض الرواة ما يعرض لغيرهم من البشر، فتتناقص قواه الذهنية، وتضعف حافظته بمرور الزمن، وقد تصل في آخر مراحلها إلى الاضمحلال والعدم.

وربما حدث هذا للراوي بعوامل أخرى غير الكبر، كأن يمرض، أو تصيبه مصيبة، من احتراق كتب، أو موت ولد أو أخ، أو سرقة متاع.

ويعبر الأئمة عن هذه الحالة التي تحدث للراوي بالاختلاط، كما يعبرون عنها أحيانا بالتغير، أو بسوء الحفظ، مع تقييد سوء الحفظ بكونه طارئا، ويقولون أيضا: أنكر عقله، أو بعض عقله، أو أنكرناه، أو أنكر في آخر أمره، ونحو هذه العبارات.

ثم قد يستمر الراوي في التحديث مع تغير حافظته، وهذا هو الغالب، وقد يرزق من يقوم عليه، ويحول دون تحديثه، كما حصل لجرير بن حازم، وعبد الوهاب الثقفي، فقد اختلط الأول قبل موته


(١) "العلل ومعرفة الرجال"١: ٣٩٠.
(٢) "العلل ومعرفة الرجال"١: ٣٨٣، وانظر: ٣: ٢٠٧، ٤٦٤.

<<  <   >  >>