للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[تمهيد]

اشترط المحدثون في الراوي لقبول روايته شرطين، أحدهما: أن يكون عدلا، والثاني أن يكون ضابطا.

والبحث في عدالة الراوي وضبطه هو ما عرف اصطلاحًا بـ (الجرح والتعديل)، فالجرح معناه الطعن فيهما أو في أحدهما، والتعديل بضد ذلك، أي الحكم بتوافرهما، فهو وإن كان في الأصل ينصرف إلى العدالة فقط إلا أن الاصطلاح جرى على شموله للضبط أيضًا.

و (علم الجرح والتعديل) أحد علوم نقد السنة النبوية، له قواعده وضوابطه وفقهه، وسينتظم هذا القسم بفصوله ومباحثه ما يتعلق بذلك كله، فمن المهم جدا أن يدرك الباحث أن الوصول إلى حكم دقيق على كل راو من رواة أسانيده ليس بالأمر اليسير، لاسيما في هذا الوقت المتأخر؛ إذ قد خلَّف لنا المتكلمون في الجرح والتعديل والمؤلفون فيه كمًا هائلا من المعلومات، سواء منها المتعلق بالقواعد والضوابط، أو المتعلق بكل راو بعينه.

وقبل الشروع في هذا القسم هناك عدد من القضايا التمهيدية التي يحسن بالباحث أن يقف عليها أولاً، لتكون عونا له على السير فيه، وهي ثلاث قضايا:

الأولى: يمكن أن يستدل لهذين الشرطين بنصوص من الكتاب والسنة، مثل قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} [الحجرات]، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "نضر الله امرأ سمع منا حديثًا فحفظه حتى يبلغه، فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ... " (١)، وكذلك عمومات الشريعة التي توجب صيانة


(١) أخرجه أبو داود حديث (٣٦٦٠)، والترمذي حديث (٢٦٥٦)، وأحمد ٥: ١٨٣، عن زيد بن ثابت، وهو حديث مشهور، ورد عن جماعة من الصحابة، انظر: "دراسة حديث: نضر الله امرءا سمع مقالتي" لعبد المحسن العباد.

<<  <   >  >>