فتش الأئمة النقاد عن أصول الرواة وكتبهم، ونظروا فيها، وتأكدوا من صحتها، وسلامتها من التغيير والزيادة، وإذا كان فيها تغيير فقد يكون من الراوي نفسه، وقد يكون من قبل غيره، وهو نوع من التلقين، كما تأكدوا من صدق الراوي إذا حدث بأحاديث هل له فيها أصل أو لا؟ ولاسيما إذا ارتابوا في الراوي، أو كان الراوي يخطئ في حديثه، فيتأكد هل هذا الخطأ في أصوله، أو هو يخطئ إذا حدث من حفظه؟ وقد يكون الراوي يحتفظ بأصول وكتب شيخه، فينظر الناقد فيها هل حفظها أو غير فيها؟ وأظهر النقاد براعة فائقة، ودقة متناهية في هذا الجانب، يعجز عنها الوصف.
وأمكن بهذه الوسيلة تمييز المتقن الصادق الحافظ لكتابه أو كتاب شيخه من المتلاعب أو المغفل، وكشف تساهل بعض الرواة بأصولهم وكتبهم، وكذب بعضهم بتصرفه المتعمد بأصوله وكتبه.
كما أمكن بهذه الوسيلة أيضًا إجراء المقارنة بين ما في كتب الرواة وبين ما يحدثون به من حفظهم، لمعرفة صدقهم، وضبطهم لما يحدثون به.
قال عبد الرحمن بن مهدي مبينا أهمية النظر في كتب الرواة:"لو استقبلت من أمري ما استدبرت لكتبت تفسير كل حديث إلى جنبه، ولأتيت المدينة حتى أنظر في كتب قوم قد سمعت منهم"(١).
ومن النصوص في ذلك قول أبي نُعَيْم الفضل بن دُكَيْن: "نظر ابن