كان من أجل حديثه فهو عندهم متروك الحديث، لا ينبغي أن يروى له.
[القسم الثاني: الانتقاء الخاص للرواة]
والمقصود بهذا القسم أن جمعا من النقاد تصدى لتأليف كتاب بشرط خاص، ينتقي فيه الرواة -سواء كانوا من شيوخه، أو ممن يروي عنه بواسطة- انتقاء خاصا، يزيد على درجة الانتقاء العام الماضي في القسم الأول.
ولأيضاح ذلك سأضرب مثلا مختصرا وهو الإمام البخاري في "صحيحه"، فالبخاري أحد من ينتقي الرواة الانتقاء العام، وقد عبر عن ذلك بقاعدة ذكرها، فقال في زَمْعَة بن صالح:"ذاهب الحديث، لا يدري صحيح حديثه من سقيمه، أنا لا أروي عنه، وكل من كان مثل هذا فأنا لا أروي عنه"(١).
لكن البخاري في "صحيحه" ينتقي الرواة انتقاء خاصا يزيد على ما ذكره في هذه القاعدة، ولهذا أعرض عن حديث جماعة من المتوسطين، كسِمَاك بن حرب، ومحمد بن عجلان، ومحمد بن إسحاق، وربما أعرض عن حديث بعض الثقات الذين يخطئون أحيانا، كحماد بن سلمة.
وهو في كتبه الأخرى مثل كتابه:"الأدب المفرد" يخرج لهؤلاء، بل يخرج لمن دونهم ممن لا يدخل تحت قاعدته السابقة، فلم يصل إلى حد الترك عنده، وشرح هذا يطول.