يقصد بالأحكام العملية على الرواة: تعاملهم مع ذلك الراوي وأحاديثه، فقد يروون عنه بواسطة أو بغير واسطة، أو يخرجون له في كتبهم، أو يصححون له حديثا، وقد يتركون الرواية عنه، أو التخريج له، ويتجنبون حديثه.
ولا شك أن هذه المواقف من الرواة لا ينبغي إغفالها، فقد تضم إلى أحكام منقولة عن النقاد، فتزيد من إيضاح حال الراوي، لا سيما إذا كان المنقول عنهم قليلا لا يشفي، وأهم من ذلك حين لا يوجد نقل عن النقاد البتة، فتشتد الحاجة إلى النظر في موقفهم العملي من ذلك الراوي وأحاديثه.
ولا مناص من الاعتراف بأن هذا الموضوع برمته يكتنفه الكثير من الغموض بالنسبة لي، وما تهيأ لي الوقوف عليه من النصوص أراه بحاجة إلى المزيد منها، كما هو بحاجة إلى مزيد تأمل ونظر، ولعل ما أكتبه فيه يكون نواة دراسة شاملة، يتصدى لها من ييسر الله له ذلك، بحيث يتعامل معه بأسلوب النفَس الطويل، والقراءة المتأنية من أجله فقط.
وقد بدا لي أن مواقفهم هذه من الرواة تنقسم قسمين متميزين:
القسم الأول: الانتقاء العام للرواة، وهو على حالتين:
الحالة الأولى: الرواية عن الراوي مباشرة، أي الأخذ والتحديث عنه، أو ترك الأخذ عنه، أو التحديث عنه.