من المهم جدا بالنسبة للناظر في أقوال النقاد أن ينعم النظر في النصوص المنقولة عنهم، بحيث يضع النص في موضعه المناسب ويأخذ منه دلالته المناسبة لا يزيد ولا ينقص، بقدر الإمكان.
وهو محتاج لهذا النظر في غالب ما ينقل عن النقاد، وعليه فالتأكد من دلالة النص أهم ضوابط النظر في أقوال النقاد، وإنما أخرته لأن الباحث -باستخدامه للضوابط الثلاثة الماضية- قد يستغني عنه، ويفرغ من النص ابتداء قبل النظر في دلالته، كأن يجزم مثلا بعدم ثبوته عمن نسب إليه، أو كونه وقع فيه تحريف، أو سقط منه شيء، أو أن قائله لا يعتمد عليه في النقد، أو ظهر منه التحامل، ونحو ذلك.
والنظر في دلالة النص وماذا يفيد يتقدمه شيئان مهمان، أحدهما: النظر في النص من جهة كونه قصد به الجرح أو التعديل، أو لم يقصد به ذلك، ومعنى هذا أن هناك نصوصا يذكرها بعض الأئمة الذين جمعوا أقوال النقاد، وكذلك بعض الباحثين، يذكرونها في معرض سرد أقوال النقاد في الراوي جرحا أو تعديلا، وهي عند التمعن لا صلة لها بالجرح والتعديل، تتعلق بأمور أخرى في الراوي أو المروي، وقد تقدم نماذج لذلك في المبحث الثاني (سلامة النص) في الكلام على حكاية أقوال النقاد حسب فهم الناقل لنقدهم.
ومن ذلك أيضا أن أحد الباحثين ذكر قول أبي بكر بن عَيَّاش: "كان الأعمش إذا حدث ثلاثة أحاديث قال: قد جاءكم السيل، يقول