وكل هذه الصور لها صلة بجرح الرواة وتعديلهم، فإذا مرت بالباحث في راو من الرواة أدرك مقصود الأئمة بالتنبيه عليها، وغرضهم من الإشارة إليها، إذ قد يخفى هذا الغرض على بعض الباحثين، فيفسر كلام الناقد على غير وجهه، من ذلك أن أحدهم علق على قول عبد الرحمن بن مهدي:"نظرت في كتاب أبي عوانة -وأستغفر الله" بقوله: "لعل استغفار ابن مهدي بعد النظر في كتابه يكون بسبب أنه رأى فيه بدون إذنه، وليس لأجل التضعيف ... ".
وهذا التعليق بعيد عن المقصود، فمراده أنه لم يعتمد على ما عنده هو، واستعان بكتاب أبي عوانة، وهو نوع من التلقين خفي.
ثم إن ما ذكرته من هذه الصور هو على سبيل التمثيل، ويلتحق بها غيرها مما يندرج تحت قضية (استعانة الراوي بغيره فيما يحدث به)، وأنه نوع من التلقين.
[الثانية: المذاكرة]
وهي في الأصل: طرح موضوع للبحث بين اثنين أو أكثر، وقد يكون الموضوع مسألة فقهية، أو حديثية، أو لغوية، أو نحوية، أو غير ذلك.
وقد وردت المذاكرة بهذا المعنى في أحاديث كثيرة، بين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصحابته، أو بين أصحابه، ومن ذلك حديث عائشة في قصة كنيسة الحبشة: "أنهم تذاكروا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في