للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وموضوع التلقين وأثره في الرواة بحاجة إلى دراسة مستقلة، فإن التلقين بالقراءة على الراوي من غير حديثه، فيقر به، أو بأن يدفع إليه من غير حديثه فيقرأه- من التلقين الجلي، وهو أشهر صور التلقين وأكثرها شيوعا، وهناك صور من التلقين خفية، مثل أن يُلَقَّن حديثه هو، أو يحدث من كتاب غيره، أو ينظر في كتاب غيره وهو يحدث، أو ينسخ من كتاب الغير ما سمعه هو من شيخه، أو يستفهم جليسه عن شيء من متن الحديث أو إسناده لم يسمعه جيدا من شيخه وهو يحدث، أو يعتمد على إملاء بعض تلامذة الشيخ، أو يروي حديثًا على وجه خطأ فيصححه له أحد ممن سمعه، أو يذكِّره غيره بحديث كان يحفظه، والضرير إذا كتب له ثم لقن ما كتب ليحفظه، ونحو ذلك، فالراوي متى حدث في هذه الصور ولم يبين فهو نوع من التلقين؛ إذ الأصل في الراوي أن يعتمد على مسموعه ومحفوظه فقط، ولا علاقة له بغيره، فغيره قد تكون روايته مخالفة لروايته هو، وقد يكون فيها مخطئا، إما عن تعمد، أو عن غير تعمد، وبعض الأئمة يتسامحون في بعض هذه الصور، ومنهم من يتشدد، حتى إن بعضهم إذا اختلف ما يحفظه عما في كتابه هو بين ذلك، فيقول: في حفظي كذا، وفي كتابي كذا (١).


(١) ينظر في هذه الصور ونحوها: "سؤالات أبي داود" ص ٢٢٨، و"العلل ومعرفة الرجال"١: ٣٣٥ فقرة (٦٠٨)، ٣: ٩٢ فقرة (٤٣٢٩)، و"تاريخ الدوري عن ابن معين"٢: ٦٥٧، ٦٥٨، و"معرفة الرجال"١: ١٠١ فقرة (٤٤٥)، و"صحيح البخاري" حديث (٢٦٦١)، و"أسئلة البرذعي لأبي زرعة" ص ٤١٧، ٦٩٨، ٧٤١ - ٧٤٢، و"المعرفة والتاريخ"٢: ١٦٩، و"الجرح والتعديل"٢: ٢٧، ٣٤، و"الضعفاء الكبير"٤: ١٣٢، و"الكامل"١: ٩٢، و"تاريخ بغداد"٥: ٤١٠، ٨: ٤٠٣، ١١: ١٩، ٤٠، و"الكفاية" ص ١٤٨، ٢١٦ - ٢٣٧، ٢٥٣ - ٢٥٩، و"طبقات الحنابلة"١: ٣٤٨، و"مقدمة ابن الصلاح" ص ٣٢٦ - ٣٣٠، ٣٤٢، ٣٥٦، و"مجموع فتاوى ابن تيمية"٢٥: ٢٥٢، و"سير أعلام النبلاء"١٣: ٥٦٥، و"شرح علل الترمذي"٢: ٨١٢، و"هدي الساري" ص ٣٥٦، و"تهذيب التهذيب"٣: ٢٩٥.

<<  <   >  >>