للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[٣ - ثباته أو اضطرابه فيما يرويه]

مما يستدل به الأئمة على صدق الراوي وضبطه: ثباته على صفة واحدة في روايته، وبضد ذلك إذا كان الراوي يَتَلَوَّن فيما يرويه، فالحديث الواحد يرويه تارة موصولا، وتارة مرسلا، وتارة يقفه على صحابيه، أو يرويه مرة عن أحد شيوخه، ثم يرويه مرة أخرى عن شيخ آخر، وثالثة عن شيخ ثالث، فإن هذا يستدل به الأئمة إما على كذب الراوي، أو على ضعف حفظه، بحسب ما يحتف به من قرائن.

وقد استخدم الأئمة هذه الوسيلة بكثرة في حكمهم على الراوي، فيقولون في الراوي إذا تَلَوَّن في حديثه: "مضطرب الحديث"، أو "مضطرب الحديث جدا"، أو"يضطرب في حديثه"، أو "يختلف عنه"، أو "في حديثه اختلاف"، ونحو هذه العبارات.

فمن ذلك: قول حماد بن زياد في أبي هارون العبدي: "كان كذابا، يروي بالغداة شيئا، وبالعشي شيئا" (١).

وسئل يحيى القطان عن إسماعيل بن مسلم المكي كيف كان في أول أمره، قال: "لم يزل مختلطا، كان يحدثنا بالحديث الواحد على ثلاثة ضروب" (٢).

وذكر الترمذي قول يحيى بن سعيد القطان في محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى: "روى شعبة، عن ابن أبي ليلى، عن أخيه


(١) "الجرح والتعديل"٦: ٣٦٤.
(٢) "الضعفاء الكبير"١: ٩٢، و"الجرح والتعديل"٢: ١٩٨، و"الكامل"١: ٢٧٩، و"بيان الوهم والإيهام"٣: ٢٧٨، وفي الأخير، وكذا في إحدى نسخ الجرح: "مخلطا".

<<  <   >  >>