للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والراوي متى أخرج أصوله العتيقة برئ من العهدة، وتبين أنه قد سمع تلك الأحاديث، ما لم تقم قرينة أقوى تدل على أن الراوي قد استعد للكذب منذ صباه، وعمل أصولا روى منها فيما بعد، أو ألحق خطه في السماع بأصول عتيقة، قال ابن حبان في -أحمد بن محمد بن الأزهر السِّجِسْتاني- بعد أن ذكر أنه يغرب عن الثقات بما لا يتابع عليه: "فقلت له: يا أبا العباس أحب أن تريني أصلك، فأخرج إليَّ كتابه بخط عتيق ... ، فكأنه كان يعملها في صباه" (١).

[خامسًا: النظر في أحاديث الراوي ومروياته]

من الوسائل المهمة جدا لمعرفة عدالة الراوي وضبطه أن يتأمل الناقد أحاديثه ورواياته، ويقلبها، ويعرضها على ما تحصل لديه من معلومات تتعلق بأمور كثيرة لا حصر لها، مثل شيوخ الراوي، وهل يمكن سماعه منهم؟ وماذا عند هؤلاء الشيوخ من الأحاديث؟ وكيف رواها أصحابهم الآخرون عنهم؟ وماذا في الباب المعين من الأحاديث؟ ثم أحاديث الراوي نفسها وسلامة متونها واستقامتها؟ ونحو ذلك.

فمن ذلك قول المروذي: "قلت (يعني لأحمد): جابر الجُعْفي؟ قال لي: كان يرى التشيع، قلت: يتهم في حديثه بالكذب؟ فقال لي: من طعن فيه فإنما يطعن بما يخاف من الكذب، قلت: الكذب؟ فقال: إي والله، وذاك في حديثه بين" (٢).


(١) "المجروحين"١: ١٦٤، وانظر: "معرفة علوم الحديث" ص ١٦.
(٢) "علل المروذي" ص ٢٣٦.

<<  <   >  >>