للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثالث: مراتب أحكام النقاد على الرواة]

عرفت هذه المراتب بـ "مراتب الجرح والتعديل"، أو "مراتب ألفاظ الجرح والتعديل"، على اعتبار أن أحكام النقاد اللفظية هي التي يسهل تصنيفها ووضع مراتب لها، ويلحق بها ما هو من أحكامهم العملية.

كما اشتهر أيضا أن ابن أبي حاتم المتوفى سنة ٣٢٨ هـ هو أول من ذكر مراتب للجرح والتعديل (١)، وهو كلام حق من جهة أن ابن أبي حاتم ذكرها مجتمعة مرتبة، ولكن إذا عرفنا أن هذه المراتب خلاصة موضوع الجرح والتعديل كله، إذ هي تقسيم للرواة بحسب أحكام النقاد عليهم، ثم الموقف من أصحاب كل مرتبة قبولا لحديثه أو ردا، ودرجة هذا القبول والرد، وعرفنا أن أحكام النقاد على أحاديث هؤلاء الرواة بناء على مرابتهم متقدمة على عصر ابن أبي حاتم بكثير- أدركنا بسهولة أن هذه المراتب كانت موجودة في عصر النقاد الأوائل، أما تطبيقا وعملا فلا إشكال في ذلك، وأما من أقوالهم وعباراتهم فإن المتأمل فيما نقل عنهم، الجامع بين أطراف كلامهم، سيجد أصل هذا التقسيم لمراتب الرواة موجودا في كلام النقاد الأولين.

فالناظر في العبارات نفسها يجدها متفاوتة، سواء في الجرح أو في التعديل، إما من جهة دلالتها اللغوية، أو من جهة تكرارها وعدمه، أو من قرائن أخرى تحيط بعبارة الناقد.

ثم إننا نجد في كلام النقاد عبارات في التقسيم نفسه، فقد تقدم في


(١) انظر: "مقدمة ابن الصلاح" ص ٢٣٧، و"فتح المغيث"٢: ١٠٨.

<<  <   >  >>