للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الذي قبل هذا قول شعبة: "لو لم أحدثكم إلا عن ثقة لم أحدثكم إلا عن ثلاثة"، وأن مراده بذلك من هم في الذروة من الثقة والضبط، وتقدم كذلك عن غيره من الأئمة ما يوضح كلامه، فالرواة الثقات إذن على مراتب.

وقد استدل ابن أبي حاتم على وضع مراتب لألفاظ الجرح والتعديل بما تقدم عن عبد الرحمن بن مهدي وقد قيل له: أبو خلدة ثقة؟ فقال: "كان صدوقا، وكان مأمونا، الثقة: سفيان وشعبة"، قال ابن أبي حاتم: "فقد أخبر أن الناقلة للآثار والمقبولين على منازل، وأن أهل المنزلة الأعلى: الثقات، وأن أهل المنزلة الثانية: أهل الصدق" (١).

وتقدم أيضا في المبحث الثالث من الفصل الأول كلام كثير للنقاد حول المقارنة بين بعض الرواة، الثقات منهم والضعفاء، وهو يدل أيضا على أنهم على مراتب متفاوتة.

وفي موضوع انتقاء بعضهم لشيوخهم ولمن يروون له تبين أن من الرواة من هو متروك الحديث لا يكتب حديثه، أو لا يُحَدَّث عنه، وأن منهم من يكتب حديثه ويُحَدَّث عنه، وقد تقدم شرح هذا في المبحث السابق، فهذا أيضا تقسيم إجمالي للرواة المتكلم فيهم.

وأول من وقفت على كلام له في تصنيف الرواة على مراتب عبد الرحمن بن مهدي، قال محمد بن المثنى: قال لي عبد الرحمن بن مهدي: "احفظ عني: الناس ثلاثة: رجل حافظ متقن، فهذا لا يختلف


(١) "الجرح والتعديل"٢: ٣٧.

<<  <   >  >>