للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيه، وآخر يهم والغالب على حديثه الصحة، فهذا لا يترك، ولو ترك حديث مثل هذا لذهب حديث الناس، وآخر الغالب على حديثه الوهم، فهذا يترك حديثه". (١)

وبنحو تصنيف ابن مهدي لمراتب الرواة وأحكام هذه المراتب صنفهم أيضا مسلم بن الحجاج، والترمذي.

فأما مسلم ففي مقدمة "صحيحه"، فذكر لهم ثلاث مراتب، الأولى للثقات الذين لم يوجد في روايتهم اختلاف شديد، ولا تخليط فاحش، والثانية لمن دون أولئك ممن يشملهم اسم الستر والصدق، ولم يوصفوا بالحفظ والإتقان، والثالثة لقوم هم عند أهل الحديث متهمون، أو عند الأكثر منهم، وكذلك من الغالب على حديثه المنكر أو الغلط، وشرح هذه المراتب، وضرب أمثلة لها من الرواة، مقارنا بينهم (٢).

وأما الترمذي ففي "العلل الصغير"، وأفاض في الحديث عن هذه المراتب، وعن أحكام أصحابها، وذكر في المرتبة الثانية خلافا بين أهل العلم في الرواية عنهم، فعن يحيى بن سعيد القطان أنه ترك الرواية عنهم، وعن الجمهور خلافه، وأشار في نهاية كلامه إلى أن ما ذكره هو كلام مجمل يمكن تفصيله، فقال: "والكلام في هذا والرواية عن أهل العلم تكثر، وإنما بينا منه شيئا على الاختصار، ليستدل به على منازل أهل العلم، وتفاضل بعضهم على بعض في الحفظ والإتقان، ومن تكلم فيه من أهل العلم لأي شيء تكلم فيه" (٣).


(١) "التمييز" ص ١٧٩، و"الكامل"١: ١٦٦، و"الجرح والتعديل"٢: ٣٨.
(٢) "صحيح مسلم"١: ٥ - ٧.
(٣) "سنن الترمذي"٥: ٧٤٠ - ٧٥١، وانظر: "شرح علل الترمذي"١: ٣٧٠ - ٤٩٩.

<<  <   >  >>