للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي رأيي أن ما ذكره ابن مهدي، ومسلم، والترمذي، هو الأساس الأول لوضع مراتب للرواة، وإعطاء كل مرتبة حكمها اللائق بها، وأن من جاء بعدهم إنما اشتغل بتفصيل المراتب الثلاث.

وممن فعل ذلك ابن أبي حاتم، في كتابه "الجرح والتعديل"، فقد صنفهم بطريقتين، الأولى مراتب للرواة عامة، قريبة جدا من كلام ابن مهدي ومن معه، وقد فعل ابن أبي حاتم ذلك مرتين، باختلاف يسير، قال ابن أبي حاتم: "فمنهم الثبت، الحافظ، الورع، المتقن، الجهبذ الناقد للحديث، فهذا الذي لا يختلف فيه، ويعتمد على جرحه وتعديله، ويحتج بحديثه، وكلامه في الرجال.

ومنهم العدل في نفسه، الثبت في روايته، الصدوق في نقله، الورع في دينه، الحافظ لحديثه المتقن فيه، فذلك العدل الذي يحتج بحديثه، ويوثق في نفسه.

ومنهم الصدوق، الورع، الثبت، الذي يهم أحيانا، وقد قبله الجهابذة النقاد، فهذا يحتج بحديثه.

ومنهم الصدوق، الورع، المغفل، الغالب عليه الوهم والخطأ والغلط والسهو، فهذا يكتب من حديثه الترغيب والترهيب، والزهد، والآداب، ولا يحتج بحديثه في الحلال والحرام.

وخامس قد ألصق نفسه بهم، ودلسها بينهم، ممن ليس من أهل الصدق والأمانة، ومن قد ظهر للنقاد العلماء بالرجال أولي المعرفة منهم: الكذبُ، فهذا يترك حديثه، وتطرح روايته" (١).


(١) "الجرح والتعديل"١: ١٠، وانظر: ١: ٦.

<<  <   >  >>