للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فزاد ابن أبي حاتم على من سبقه المرتبة الأولى، وهي مرتبة النقاد، ويظهر أن ابن أبي حاتم إنما ذكرها ليبين منزلتهم في النقد، وقبول كلامهم في الرجال، وفي الأحاديث، وأما من جهة الرواية والتقديم فيها فقد جعلهم بمنزلة المرتبة الثانية.

وكذلك فَصَّل ابن أبي حاتم في المرتبة الثالثة عند من سبقه، فجعلها مرتبتين هما الرابعة والخامسة، لأنه أراد أن يبين أن هناك فرقا دقيقا بين من الغالب على حديثه الوهم والغلط، لكنه عن غفلة وسوء حفظ، وبين الكذاب، أو المتهم بالكذب، والفارق بينهما -حسب ما ذكره- أن الأول يجوز أن يكتب من حديثه الترغيب والترهيب، والزهد، والآداب، ولعله أراد ما لم يصل إلى حد أن يحكم عليه بأنه متروك الحديث، فسيأتي قريبا في كلامه أن متروك الحديث لا يكتب حديثه مطلقا.

هذا بالنسبة لمراتب الرواة عند ابن أبي حاتم، ثم إنه خطا خطوة مهمة جدا لابد منها للاستفادة من مراتب الرواة السابقة وتطبيق أحكامها -وفي كلام الأئمة الذين ألفوا في المصطلح ما يشير إلى أنه غير مسبوق بهذه الخطوة (١) - وهي وضع مراتب لألفاظ الأئمة في أحكامهم على الرواة، فبها يعرف أين يوضع الراوي في مراتب الرواة، ويأخذ حكمه اللائق به.

وابن أبي حاتم كان أكثر تفصيلا في مراتب ألفاظ الجرح والتعديل، فقد جعل لكل واحد منهما أربع مراتب، قال ابن أبي حاتم: "وجدت


(١) انظر: "مقدمة ابن الصلاح" ص ٢٣٧، و"فتح المغيث"٢: ١٠٨.

<<  <   >  >>