للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[مدخل]

يكثر من البشر الوقوع في الخلط بين الأمور المتشابهة، فربما صافح شخص شخصا آخر يظنه صاحبه الذي قابله منذ فترة، ثم يتبين له أنه غيره، وقد يرى شخص شيئا يعجبه كقماش ونحوه، فإذا ذهب ليشتريه اشتبه عليه بغيره، ولم يستطع تحديده لكثرة ما يقرب منه، وربما قصد شخص بيتا قد جاءه منذ فترة، أو أرشد إليه، فطرق باب بيت آخر يظنه هو.

وهكذا يوجد الاشتباه بين الأشياء في كافة نواحي الحياة، ويقع فيه الإنسان مرارا وتكرارا، ولا فكاك له منه، وهو دال على نقص البشر وفقرهم وحاجتهم.

وفي البحوث العلمية في جميع الفنون يقع الاشتباه لدى الباحثين، فقد يعرف الباحث بمدينة، والمقصود غيرها، أو يعرف بفرقة، والمراد فرقة أخرى، أو يصف كتابا فيخلط المعلومات عنه بكتاب آخر، وما أكثر ذلك، ناهيك عن الاشتباه في الحقائق وما يحتاج إلى اجتهاد، فالأمر كما قال ابن الصلاح: "لم يزل الاشتراك من مظان الغلط في كل علم" (١).

ولهذا السبب فإن وقوع الباحث في الخطأ في تمييز رواة الإسناد الذي يقوم بدراسته أمر متوقع، وهو حين وقوعه من الخطورة بمكان، إذ معناه القضاء مبكرا على دراسته للإسناد بأنها خطأ، ومن أجل هذا جعلت الحديث عنه في الفصل الأخير هذا، ليستحضر الباحث أهميته،


(١) "مقدمة ابن الصلاح" ص ٥٥٢.

<<  <   >  >>