للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مرضه ... " (١).

وقد استخدم المحدثون المذاكرة رواية ودراية بكثرة، ففي مجال الرواية يلتقي الاثنان منهم أو أكثر ويأخذون في المذاكرة في باب من أبواب السنة مثلا، وماذا عند كل واحد منهما في هذا الباب، أو في طرق حديث معين، أو في أحاديث راو عن شيخ معين له.

وهناك أغراض متعددة من المذاكرة في الراوية، من أهمها مدارسة المحفوظ، وزيادة تثبيته، وقد يسبق المذاكرة استعداد لذلك، ومنها استفادة كل واحد من الآخر، فإذا ذكر له صاحبه حديثا أو إسنادا ليس عنده طلب منه أن يحدثه به، أو يذهب إلى شيخه -إن كان حيا- فيسمعه منه.

وقد كان للمذاكرة أهمية كبيرة لدى حفاظ الحديث ورواته، عَبَّر بعضهم عن ذلك بعبارات شتى، فمن ذلك قول الزهري: "إنما يذهب العلم النسيان، وترك المذاكرة" (٢).

وقال ابن المديني: "ستة كادت تذهب عقولهم عند المذاكرة: يحيى، وعبد الرحمن، ووكيع، وابن عُيَيْنة، وأبو داود، وعبد الرزاق، من شدة شهوتهم له" (٣).


(١) "صحيح مسلم" حديث (٥٢٨).
وانظر: "صحيح البخاري" حديث (٢٣٨٥، ٥٧٥٢)، و"صحيح مسلم" حديث (١١٦٧، ١٧٣٣)، و"مسند أحمد"٢: ٥٠٧، ٤: ٨١، ٢٧٤، ٥: ٦١.
(٢) "سير أعلام النبلاء"٥: ٣٣٧.
(٣) "الجامع لأخلاق الراوي"٢: ٢٧٤، وقد فسرهم المحقق فأصاب، سوى قوله إن أبا داود هو سليمان بن الأشعث صاحب "السنن"، وإنما هو أبو داود الطيالسي، صاحب "المسند".

<<  <   >  >>