التعديل، والثلاث الأولى من مراتب التجريح، كما تقدم شرحه آنفا، وإن كان الكل -بلا استثناء- لا يحكم لإسناد هو فيه إلا بعد النظر في الطرق الأخرى.
وسيأتي لهذا الموضوع زيادة بيان في بحث مستقل في آخر الباب الثاني (الاتصال والانقطاع)، وإنما أشرت إليه هنا لارتباطه الوثيق بمراتب الجرح والتعديل.
والخلاصة أن ابن أبي حاتم قد قدم خدمة جليلة للمشتغل بنقد السنة بوضعه مراتب لألفاظ النقاد في الجرح والتعديل، وبيانه لأحكام أصحاب تلك المراتب، وتمم عمله من جاء بعده من المشتغلين بالنظر في قواعد أولئك النقاد، إما بزيادة تفصيل للمراتب التي ذكرها، أو بضم بعضها إلى بعض، أو بزيادة ألفاظ في كل مرتبة.
ولا شك أن هذا قد سهل جدا من ممارسة نقد السنة على أهل الاختصاص، سواء في نقد الأسانيد مفردة، أو في المقارنة بينها، غير أنه من جهة أخرى أدى إلى وضع لم يقصده هؤلاء، ولا يُسألون عنه، ذلك هو اعتقاد كثير من المتصدين لنقد السنة أن الأمر سهل جدا، فما هو إلا النظر في رواة الإسناد، ثم الحكم عليه، ولست أعني هنا إهمالهم النظر في الشروط الأخرى لصعوبة البحث فيها، فهذا شأن آخر سيأتي الكلام عليه في الموضع الذي أشرت إليه آنفا، وإنما أعني هنا ضعف نظرهم في مرتبة الراوي، والباحث المتأخر بعد عصر النقد ليس المطلوب منه أن يحكم على الراوي بنفسه، فهذا أمر لا يستطيعه في غالب الأحوال، والمطلوب منه فقط النظر في كلام أئمة النقد، وموقفهم من حديث الراوي، ثم وضع الراوي في مرتبته اللائقة به،