بالنسبة لمن جاء بعدهم ليس بالأمر اليسير، فبذلت جهود كبيرة لهذا الغرض، وتسابق الأئمة للتأليف في هذه القواعد، وحصرها وتقريبها لطلبة العلم.
وليس من المستغرب أن يقع اختلاف في سبر وتحرير قواعد أولئك الأئمة، لأسباب كثيرة، منها درجة تمكن المتصدي لهذا الشيء في علم نقد السنة، وما تهيأ له من مؤلفات الأولين، وتأثره بفنون أخرى غير نقد السنة، لها صلة بهذا الفن.
ثم إن هذه القواعد بحاجة إلى أن تكتب بلغة العصر، ليسهل فهمها وتطبيقها على طلبة العلم.
لهذا كله فإنني أرى -ونحن نشهد بحمد الله تعالى نهضة علمية مباركة، لاسيما في هذا العلم- أن يقوم أهله بالكتابة والتأليف في قواعد نقد السنة، كتابة تترك أثرها الطيب في الدراسات النقدية للسنة النبوية، تساعد على أن تكون هذه النهضة مبنية على أسس متينة، متصفة بالجدية والابتكار.
ولتحقيق هذا الغرض يمكن وضع معالم عامة للمنهج الذي يحسن أن يسير عليه من رأى من نفسه القدرة على الكتابة والتأليف، وهي باختصار:
١ - ممارسة التطبيق العملي بكثرة وقوة، بحيث يمكنه إدراك وجه الحاجة إلى تحرير القواعد والكتابة فيها، ويمكنه تصور صعوبة هذا الفن وخطورة التعرض لمسائله، وكلما كان الباحث بمعزل عن التطبيق العملي كان احتمال وقوعه في الخطأ أكبر.
٢ - القراءة الواسعة في كتب أئمة هذا العلم، في عصر النقد عصر