للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهذا الصنف بأقسامه الثلاثة عليه المعول في نقد الرواة، ومن لم يصلنا من كلامهم شيء -أو وصل القليل- يستفاد منهم من جهة أخرى، وهي انتقاؤهم واختيارهم لمشايخهم الذين يروون عنهم، كما تقدم شرح ذلك في المبحث الثاني من الفصل الثاني.

والنظر في هؤلاء النقاد تحكمه أمور ثلاثة تحتها تفاصيلها:

الأمر الأول: هناك عوامل عديدة تساهم في تكوين الناقد، وتنمية ملكته النقدية، منها الزمن الذي يعيش فيه، والوسط الذي تربى فيه، واطلاعه على الطرق والروايات، ونظرته إلى الروايات وما وقع فيها من خلل، وآماله في تنقية السنة، والقدر الذي يمكن الوصول إليه في ذلك، بالإضافة إلى الصفات النفسية التي يتصف بها.

وقد أدى هذا إلى الاختلاف في المنهج الذي يحكم به على الراوي بعد استخدام وسائل الحكم عليه، فبعض الأئمة إذا سبر حديث الراوي فرآه يغلط في حديث أو حديثين ليَّنه وغمزه بذلك، فهذا نوع من التشدد (١).

وبعض الأئمة إذا روى عن الراوي اثنان ارتفعت جهالته، وقد جاء هذا عن محمد بن يحيى الذهلي (٢)، وهو قول البزار (٣)، والدارقطني، وصرح الدارقطني بأن عدالته تثبت برواية اثنين عنه (٤)، بل إن ابن حبان إذا كان دون الراوي ثقة، وفوقه ثقة، ولم يأت بحديث


(١) "ذكر من يعتمد قوله في الجرح والتعديل" ص ١٧١.
(٢) "الكفاية" ص ٩٨.
(٣) "البحر الزخار"١: ١١١، ٢٠٩.
(٤) "سنن الدارقطني"٣: ١٧٤، و"فتح المغيث"٢: ٥١.

<<  <   >  >>