والتأمل في النماذج التي سقتها في هذا المبحث وفي المبحث الذي قبله يكشف تأثير هذا السبب بقوة في الاشتباه والخلط بين الرواة، فغالب تلك النماذج لو تمعن فيها أصحابها قليلا لما وقعوا في الخطأ، وبعضها يكفي فيه النظر إلى الطبقة والوفاة، فبها يتبين أن الراوي المفسر خطأ لم يدرك من فوقه في الإسناد، وحينئذ لا يصح تفسيره به، وبعضها في النص نفسه ما يمنع الوقوع في الخطأ، لولا الاستعجال.
ومن غريب ما وقع في تمييز الرواة مع ظهوره من النص نفسه، أن أحد الباحثين مر به في كتاب يحققه وسئل مؤلفه عن حديث عيسى بن يونس، عن مَعْمَر بن راشد، عن الرزاز، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي سعيد الخدري ... الحديث.
وعلق المحقق على كلمة (الرزاز) بقوله: "كذا هو في الأصل ولم يتعين لي".
وظاهر جدا من باقي النص أنه تحريف، وصوابه:"الزهري"، فقد أجاب المؤلف على السؤال بقوله:"أخطأ فيه عيسى، إنما رواه مَعْمَر، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي سعيد ... ، وليس هو عن الزهري، إنما هو عن يحيى بن أبي كثير".
كما يلاحظ في النماذج السابقة أيضا بروز تقليد الأئمة والباحثين لغيرهم، والاسترواح كثيرا إلى ما توصل إليه الآخرون، وأكثر من ذلك البناء عليه بإصدار حكم على الإسناد، أو سوق الإسناد مفسرا خطأ ونسبة ذلك إلى المصدر المخرج.