للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من الأحيان دراسة مروياته عنه، ودراستها تتطلب النظر في الطرق إليه، من جهة درجة الرواة، ومن جهة المقارنة بينهم فيما لو وقع اختلاف في تصريح بالتحديث، فاحتجنا حينئذٍ إلى (الجرح والتعديل) واحتجنا إلى (مقارنة المرويات).

واتضح من هذا المثال أن مباحث (الاتصال والانقطاع) لا تعتمد فقط على علم التاريخ كالولادة والوفاة، والسن، والبلد، والرحلات فقط، بل تعتمد أيضًا على (مقارنة المرويات)، وهذا الأخير هو المحك في قدرة الباحث على تناولها، فقد رأيت أحد الباحثين خصص رسالته لأحد الرواة، وسماعه من مشايخه، وأطال فيها جدا، وفي بعضها خالف جماهير النقاد في إثبات سماعه من بعض مشايخه، فلما تأملته وجدت الخلل جاءه من ضعفه في تسخير (علم مقارنة المرويات) أو (علم العلل) لهذا الغرض.

وهنا أمر هام أيضا، وهو أن الباحثين ظلوا زمانا يعتقدون أن (علم العلل) يعتمد على (علم الجرح والتعديل)، فإذا أردنا أن نوازن بين راويين أو أكثر نظرنا في درجة كل راو للموازنة بينهم، وهذا وإن كان فيه شيء من الصحة بالنسبة لنا، لكنه بالنسبة للناقد الأول ليس كذلك، فـ (علم الجرح والتعديل) متولد في غالبه من (مقارنة المرويات)، والصورة المقلوبة في أذهان الباحثين أدت إلى خلل في النقد، فاحتجت في مواضع متعددة إلى شرح هذه القضية، والتنبيه عليها، وبيان مالها من آثار.

الأمر الثالث: تعمدت أن أضيف إلى ما أكتبه أمرا قد يرى غيري أن تركه أولى، وهو ضرب الأمثلة على ما يقع من الباحثين من

<<  <   >  >>