للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وذكر ابن أبي حاتم حديثا اضطرب فيه عبد الله بن محمد بن عَقِيل جدا، فرواه على عدة أوجه، ثم قال ابن أبي حاتم: "قلت لأبي زرعة: فما الصحيح؟ قال: ما أدري، ما عندي في ذا شيء، قلت لأبي: ما الصحيح؟ قال أبي: ابن عَقِيل لا يضبط حديثه، قلت: فأيها أشبه عندك؟ قال: الله أعلم، وقال أبو زرعة: هذا من ابن عَقِيل، الذين رووا عن ابن عَقِيل كلهم ثقات" (١)، وفي موضع آخر قال أبو حاتم: "هذا من تخليط ابن عَقِيل" (٢).

ومما ينبغي التنبه له هنا أنه ليس كل اختلاف يرد عن الراوي يضعف به، فالراوي إذا كان من الحفاظ الكبار واسعي الرواية كأبي إسحاق السَّبِيعي، والزهري، حمل الأئمة ما يصح عنهم من اختلاف على سعة الرواية، وسيأتي -إن شاء الله تعالى- مزيد بيان لذلك بأمثلته في قسم (مقارنة المرويات).

وأهم من ذلك أن يكون الاختلاف من الرواي نفسه وليس من الرواة عنه، فقد ميز الأئمة ما كان من الراوي نفسه، وما كان من أصحابه الذين يروون عنه، وهذه مسألة دقيقة جدا.

قال عبد الرحمن بن مهدي: "أربعة من أهل الكوفة لا يُختلَف في حديثهم، فمن اختلف عليهم فهو مخطئ، ليس هم، منهم أبو


(١) "علل الحديث"٢: ٣٩.
(٢) "علل الحديث"٢: ٤٤.
وانظر نصوصا أخرى بهذا المعنى في "سؤالات أبي داود" ص ٢٩٥، ٣٠١، ٣١١، ٣٢٩، و"مسائل أبي داود" ص ٤٤١، و"علل المروذي" ص ٩٠، ١١٨، و"معرفة الرجال"١: ١١٩، و"علل ابن أبي حاتم"٢: ١١٤٨ مسألة ١٩٤٠، و"الجرح والتعديل"٦: ٢٦، و"تهذيب التهذيب"٩: ٣٠٢، ٣٠٣.

<<  <   >  >>