البدن والذبائح تشرق بالدماء من الشّرق وقيل سميت بذلك لأن الأرض تحمر بالدم فكأنها تشرّق بذلك لأن الأحمر يقال له شرق وقيل إنما كانوا يقولون أشرق تثير كما نغير والذي كان يقول ذلك أبو سيّارة عميلة بن خالد العدواني أحد بني وابش وكان يدفع بالناس من المزدلفة عل حمار أربعين سنة فضربت به العرب المقل فقالوا أصح من عير أبي سيارة. وقيل سميت أيام التشريق لأنهم كانوا يلبسون الأطفال الثياب الحمر فلذلك قيل أيام التشريق وذهب بعض الفقهاء إلى ان التشريق التكبير وأنكر ذلك غيره. وقيل إنما قالوا أيام التشريق لأنهم كانوا يأتون المشرق أي المصلى وهذا راجع إلى شروق الشمس لأنهم كانوا يجتمعون في وقت شروقها ولم يكن لهم بد في الجاهلية من أن يجتمعوا فيها للدعاء والتعبد.
قال أبو محمد " ويسمى الشحم ندى لأنه بالنبت يكون " وأنشد لابن أحمر:
كثور العداب الفرد يضربه الندى ... تعلّى الندى في متنه وتحدّرا
شبه ناقته بالثور الوحشي في سرعتها وسمنها والعداب مسترق الرملة ومنقطعها والندى الأول المطر الثاني والشحم وقال الأصمعي أراد بالندى الأول المطر وبالثاني الكلأ والبقل يقول اسمنه فعلا السمن في جسمه وانحدر واستبان عليه في جميع بدنه. وقيل أنه يصف امرأة شبهها من غفلتها وليس عيشها بالثور من بقر الوحش.
قال أبو محمد " ويقولون للمطر سماء لأنه من السماء ينزل " وأنشد لمعاوية بن مالك معود الحكماء وسمي معود الحكماء بقوله:
أعوّد مثلها الحكماء بعدي ... إذا ما الحقّ في الأشياع نابا
وكنت إذا العظيمة أفظعتني ... نهضت ولم أدب لها دبابا
إذا نزل السماء بأرض قوم ... رعيناه وإن كانوا غضابا
أفظعتني أي هالتني وغلبتني ولم أكد أطيقها وقوله نهضت أي قمت بها ولم أعجز عنها ولم أتلقها أدبّ إليها بل استقبلتها ناهضا بأعبائها والدباب الدبيب. وقوله إذا نزل السماء بأرض قوم معناه إذا غيثت بلاد أعدائنا وأعشبت خرجنا إليها وقصدناها ورعينا عشبها لعزنا ومنعتنا ولم يكن ذلك عن رضي منهم وصلح فقال معنى وإن كانوا غضابا أي مطرت بلادهم وأعشبت ولم يكن لهم