وكانت أسواقها خالية ليس فيها إلا هؤلاء الجنود، يجولون ببنادقهم وأسنَّتِهم ليدافعوا عن هذا الانتخاب الحر!
انتخاب يحميه الجنود، ونُوّاب يبلغون المجالس على عواتق الجنود، وأمة تُرغَم على الاعتراف بهم بقوة الجنود! ويل للخائنين!
أبَعْدَ هذا الإضراب الشامل، أبعدَ هذا التضامن العجيب يعودون فيقولون إنهم وكلاء الأمّة! وعلامَ أضربت الأمة وحزنت؟ وعلامَ بذلت نفوسَ أبنائها ودماءهم إذا كانت ترضى بهم نواباً عنها؟ ومن يستطيع أن يرى في دمشق (وغير دمشق) في هذه الأيام وطنياً لا ينطق وجهه بالألم، ويجهر صمته بهذه الشكوى المريرة وهذا الغضب الشديد؟
* * *
كلا، ما هذا برلمانَ أمة، هذا برلمان المستعمرين.
إن الشام أمة لها إرادة، وإرادة الأمة فوق كل إرادة، ليست فوقها إرادة إلا إرادة الله. فاقبضوا رواتبكم مباركةً يا نُوّاب، فما لكم إلا هذا من عمل! أما الأمة فلها نوابها الذين تثق بهم، وما أنتم منهم.