أخرج هذا «الطنطاوي» أولى رسائله فأغضبت وأرضت، ثم قفّى على إثرها بالثانية فلم تدع راضياً عنه أحداً، ولم يدع الناسُ لفظةً في دواوين اللغة تدل على الانتقاص والشتيمة إلا رموه بها غيبة وحضوراً، حتى ضاق بخصومتهم ذرعاً، فحدّث عن نفسه فقال: لفظتني النوادي وجانبني الرفاق، وضاقت عليّ الأرض بما رحبت، حتى لا أرى فيها إلا وجوهاً تعلوها سيما الغضب وأصواتاً تملؤها كلمات الشتم.
(١) هذه هي الرسالة الثالثة من رسائل «في سبيل الإصلاح»، صدرت في دمشق في رجب سنة ١٣٤٨ (كانون الأول (ديسمبر) ١٩٢٩)، وقد سبقتها اثنتان: الأولى عنوانها «في الإصلاح الديني» والثانية «كلمة إلى طلاب دمشق». فأما الثانية فقد مضى موضوعها مع الأيام، وأما الأولى فتجدون خلاصتها وأجزاء منها في الحلقة الثامنة والثلاثين من «الذكريات»، فمن شاء الاطلاع عليها فليرجع إلى تلك الحلقة، وفيها تحدث عن هذه الرسائل فقال: "كانت «رسائل الإصلاح» أول كتبي صدوراً، من يقرؤها الآن لا يستطيع أن يدرك الأثر الذي كان =