للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[عند الحلاق]

نشرت في دمشق سنة ١٩٣٣ (١)

ذهبت أمس إلى الحلاق، وتخيَّرت آخر ساعة من النهار كي يخلو لي المكان، فوجدت عنده شاباً، وكرهت أن أدخل فأنظره، وأنا أكرهُ الناسِ للانتظار، فهممت بالرجوع، ولكن الحلاّق أومأ إليّ أن: ادخل، لن يلبث حتى يقوم فقد أوشك أن ينتهي. فدخلت.

وكان الشاب قد انتهى حقاً، وكان قَذاله وعِذاره وسالفته مقصوصة، وكانت جُمّته مُرَجَّلة مُصفَّفة (٢)، وكان وجهه كالمرآة الصقيلة ما فيه -والحمد لله- أثر من لحية أو شاربين! فما باله لا يزال قاعداً على الكرسي؟ وماذا ترى الحلاق صانعاً به بعدُ؟ ثم اطمأننت وقلت: قد انتهى وإنه لقائم، وقعدت أرقبه، فلم يَرُعْني إلا الحلاق يُقبل على شعره فينفشه نفشاً، وهو ساكت لا ينكر


(١) استخرجت هذه المقالة من كتاب «في بلاد العرب» وعليها السنة التي نشرت فيها، ولم أعلم في أي مجلة أو جريدة وفي أي يوم أو شهر نُشرت (مجاهد).
(٢) العِذار ما نبت على الخد من اللحية، والقَذال شعر أعلى الرأس، والجمة هي الشعر المجتمع في مقدمة الرأس (مجاهد).

<<  <   >  >>